58. نظرة إلى الكتاب المنسوب إلى سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ

82اعلم أن كتاب «سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ» الذي تُرجم إلى الفارسية باسم «أسرار آل محمَّد» كتابٌ مُشَوَّشٌ جداً ومغشوشٌ ومن الكتب التي تعجب الاستعمار جداً، وهو ينسجم مع ذوق قُرَّاء المراثي والمدَّاحين ويروقُ لطبع الطائفيين المفرِّقين بين المسلمين. ومشاهير قدماء الشيعة أمثال السيد مرتضى علم الهدى والسيد ابن طاووس و.... إن لم نقل إنهم لم يكونوا يعرفون هذا الكتاب أصلاً، فإننا نستطيع القول بأنهم لم يكونوا يثقون مطلقاً بهذا الكتاب ولا يُعَوِّلون عليه ولا يعيرونه أي اهتمام. ولكن في القرون اللاحقة قام أشخاصٌ مثل المؤلف الخرافي لكتاب «الاحتجاج على أهل اللجاج»([1]) ومؤلف «إرشاد القلوب»([2]) ومروّج الخرافات وحارس البدع «محمد باقر المَجْلِسِيّ» وأمثالهم مثل الحاج الميرزا نوري الطَّبْرَسي([3]) و..... بالثناء على هذا الكتاب ومدحه.

وفي ظن هذا العبد الفقير أن الأكاذيب التي وضعت في القرنين الثالث والرابع الهجريين باستغلال اسم «سُلَيم» وكانت متناثرة في كتب الرواية والحديث، تم تجميعها مع إضافات أخرى واُخْرِجَت على شكل كتاب ونشره من افتراه بين المسلمين الغافلين قليلي العقل وضعيفي الإيمان مِمَّن لا علم لهم بالقرآن([4])، ولهذا السبب نجد في نسخ هذا الكتاب المختلفة اختلافاً فاحشاً في عدد الروايات وترتيبها!

وعلى كل حال فالكتاب الموجود مَعِيبٌ جداً، ومن جملة ذلك ادعاء الكتاب أن فرداً ضعيفاً يُدْعَى «أبان بن أبي عياش» الذي كانت روايات «سُلَيْم» بيده، أطلع قبل شهر من وفاته أحد أهالي البصرة ويدعى «عمر بن أذينة» على الكتاب وأودعه عنده، هذا في حين أن «عمر بن أذينة» يروي في هذا الكتاب ذاته رواياته عن «أبان» أحياناً، واحياناً أخرى يرويها عن شخص ضعيف يدعى «إبراهيم بن عمر الصنعاني»!

إضافة إلى ذلك لا بد أن ننتبه إلى أنه رغم أن الكُلَيْنِيّ والصدوق ذكرا «علي بن إبراهيم» في عداد رواة أحاديث «سُلَيْم»، إلا أننا لا نشاهد في تفسير «علي بن إبراهيم» الذي هو في متناول أيدينا اليوم، أي رواية له عن «سُلَيْم»!

83والنقطة الأخرى هي أن أحد الناقلين لروايات «سُلَيم»: هو «حماد بن عيسى» كان يشك في جميع الروايات التي رواها هو بنفسه إلا عشرين رواية فقط (رجال النجاشي، ص109)، وَمِنْ ثَمَّ فإن روايات «سُلَيم» التي نقلت من طريق «حماد» هذا غير موثوقة و لا يمكن الاعتماد عليها من قِبَلِه هو نفسه.

إن في الكتاب المذكور إشكالاتٍ ومعايب كثيرة وقد ذكر بعضها الأستاذ الفاضل قلمداران في كتابه القيِّم «شاهراه اتحاد»([5]). ونحن نذكر هنا أيضاً طرفاً من كلام المحقق المعاصر الأستاذ البهبودي حول كتاب «سُلَيْم» حيث قال:

"فالمُسَلَّم من تحقيق النسخة [أي نسخة كتاب سُلَيْم] وإسنادها أنَّ طريق الكتاب ينتهي إلى «أبان بن أبي عيّاش فيروز»، تفرَّد به عن سُلَيْم، وأبان بن أبي عيّاش عاميٌّ متروك الحديث عندهم، ضعَّفه الشيخ الطوسي كما مر في ترجمته بالرقم1، ولكن الذي أعتقده بعد سَبْر الكتاب صدراً وذيلاً ونقده كلمةً كلمةً، أن الكتاب موضوعٌ وضعه أحد الغلاة على لسان سُليم بن قيس الهلالي ورواية ابن أَذِينَة عن أبان بن أبي عياش، وإنما اختار عمر بن أَذِينَة، لأنه كان هارباً من موطنه -وهو البصرة- إلى مخاليف اليمن، اتقاء شر المهدي العباسي في خلافته (168-158هـ) ومات هناك، فدسَّ الزنديقُ مصنِّفُ هذا الكتاب، نسخته في الكوفة والبصرة واليمن، بأيدي الوراقين المغفلين، وأخذ الأصحاب يروونها وجادةً([6]) حسب الإجازات التي لهم إلى روايات عمر بن أَذِنية، من دون أن يتمكنوا من تحقيق النسخة وقراءتها على ابن أَذِينة، كل ذلك شوقاً منهم في الطعن على أعداء أهل البيت وكسر شوكتهم.

فكما ترى في أوَّل الكتاب، بل وفي أثنائه، جعل الواضع الدجال يستوثق لنشر أكاذيبه فيدَّعي عن لسان أبان أنه كان يعرض كل حديث مرات عديدة على أصحاب رسول الله من شيعة علي عليهم الصلاة والسلام، ومع ذلك لم يطمئن من وقوع أسطورته موقع القبول حتى عرضه حديثاً حديثاً وجملةً واحدةً على إمام بعد إمام.

ترى هذا المغفَّل الخبيث يأخذ الحديث عن لسان عليٍّ عليه السلام ثم يعرض حديثه على الحسن بن عليٍّ عليه السلام، كأنه لم يثق بحديث أمير المؤمنين إلا بعد شهادة الحسن بن عليٍّ بمثل ما قال أبوه، ومع ذلك كله لا يثق بذلك حتى يعرضه على الحسين بن عليٍّ ثم عليِّ بن الحسين زين العابدين ثم يحج بيت الله ويعرضه على أبي جعفر محمد بن عليٍّ الباقر، وهذه هي سيرة الكذابين يريدون بذلك إغفال المحدَّثين السذَّج"([7]). انتهى.

لكن النقطة الأساسية والأصلية هي أن المُتَكَسِّبِين بالدين سَعَوا دائماً إلى توثيق إسناد كتاب «سُلَيْم» وتصحيحه، مع أن أخطاء متن هذا الكتاب كثيرة إلى درجة أنه لو كان يتمتَّع بأصح الأسانيد وأعلاها (وهو لا يملك ذلك بالطبع) وحتى لو فرضنا أن الكتاب الذي لدينا كُتِبَ بخط «سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ» ذاتِهِ، لما أنقص ذلك ذرَّةً من عدم موثوقية الكتاب ومن سقوطه من الاعتبار، ولذلك فلا فائدة مطلقاً من البحث حول ما قاله العلماء الخرافيُّون حول رواة ذلك الكتاب، أو ما أفاضوا به من ثناء وتمجيد له، لأن كل ذلك باطل ولا فائدة منه ويمكن لكل منصف أن يدرك بسهولة بطلان ذلك إذا نظر إلى متن أحاديث الكتاب. 

ونشير ههنا إلى بعض أباطيل هذا الكتاب:

إضافة إلى أخطاء الكتاب التي أشار إليها [الأستاذ قلمداران] في كتابه «شاهراه اتحاد» (ص133 فما بعد)، فإنَّ أحد الأكاذيب الواضحة الأخرى في كتاب سُلَيْم، هي التي نجدها في الصفحة 217 من طبعة النجف له، حيث يقول: "إني رأيته -يعني أبا بكر- في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار، وكان أول من بايعه المغيرة بن شعبة.... ثم معاذ بن جبل". وهذا خلاف الضرورة من تاريخ السقيفة فإن معاذ بن جبل كان حين ذلك باليمن متولياً على أمر القراءة في «المخاليف» ولم يرجع إلى المدينة إلا بعد استقرار الأمر على أبي بكر([8]). فلم يكن لمعاذ أي تأثير في وصول أبي بكر إلى سُدَّة الخلافة.

84والمسألة الأخرى في كتاب «سُلَيْمِ» روايته ارتداد أصحاب رسول الله J إلا سلمان وأبا ذر والمقداد والزبير بن العوام. فبمعزل عن اختلاف هذه الرواية عن سائر روايات ارتداد أصحاب النبي J التي رواها الشيعة([9]) فإن هذه الرواية تتعارض مع القرآن الكريم الذي أثنى على أصحاب النبي، إضافةً إلى أنها تثير السؤال: لماذا بايع عليٌّ u المرتدِّين، وكيف قَبِلَ أن يُنْكِحَ أحدَ المرتدِّين ابنَتَه [أم كلثوم] وقبله صهراً له؟

وننقل هنا كلام الشيخ «عبد الجليل القزويني الرازي» بشأن ارتداد أصحاب رسول اللهJ إلا سبعة نفر، حيث يقول:

".......  ومذهب الشيعة هو أنه لم يرتدَّ أحدٌ، ولا يجوز القول بالارتداد بعد ثبوت الإيمان في مذهب الشيعة، فلمَّا توُفِّي رسول الله J بقي أصحابه على الحال التي كانوا عليها، ويقول السيد المرتضى إن الارتداد محال لاستحالة جمع الاستحقاقَيْن، فكيف يقول بأن المؤمنين ارتدوا؟ .......  ثم إنه لو قيل إن المؤمنين بعد المصطفى كانوا سبعة نفر فقط، كما أحال المؤلف ذلك إلى السيد المرتضى - رحمة الله عليه - فمعنى ذلك أن السيد المرتضى على جزالة فضله ونبالة أصله يعتبر عبدَ الله بنَ عباس وجَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأنصاريَّ وأَبَا أَيُّوْبَ وخَبَّابَ بنَ الأَرَتِّ وحُذَيْفَةَ اليَمَانِيَّ وخُزَيْمَةَ اليَمَانِيَّ وخُزَيْمَةَ - ذا الشهادتين - وسَهْلَ بنَ حُنَيْفٍ الأنصاريَّ ومُحمَّدَ بنَ أبي بكر الصدِّيقَ وأمثالَهُم من العدد الكثير والجمّ الغفير الذين كانوا يقولون بالنصِّ على إمامة عليٍّ بالاتِّفاق([10])، وأنكروا إمامة أبي بكر، يعتبرهم كلَّهم مرتدِّن لأنهم ليسوا من ضمن السبعة الذين ذكرهم الخواجه!....."([11]). انتهى.

ومن الأراجيف الأخرى، واضحة البطلان، لكتاب سُلَيْم أنه اعتبر أن «حوض الكوثر» يكون في هذه الدنيا وليس في الآخرة!! وأنه يعتبر الأئمة ثلاثة عشر إماماً([12])!  والأسوأ من ذلك والأكثر افتضاحاً ما جاء في قسم من الحديث الثالث عشر في كتاب سُلَيْم من كلامٍ يفيد أن قسماً من القرآن قد تمَّ حذفه!!([13])

وفي الحديث التاسع والثلاثين في كتاب سُلَيْم جاء أن الآية 52 من سورة الحج المباركة - كما روى الكُلَيْنِيُّ في الحديثين 1 و 4 من الباب 61 من الكافي - نزلت بالصورة التالية: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ وَ لَا مُحَدَّثٍ) وهذه الرواية تدل دلالةً واضحةً على تحريف القرآن.

ومن أباطيل الكتاب الأخرى أنه نَسَبَ قَتْلَ «المختارِ بن أبي عبيدة الثقفي» إلى الحجَّاج بن يوسف، في حين أن المطَّلعين على التاريخ يعلمون جيِّداً أن المختار قُتل في حربه مع مصعب بن الزبير عام 64 أو 65 للهجرة، في حين أن الحجاج وصل إلى إمارة الكوفة سنة 74 هجرية أي بعد حوالي 11 سنة من وفاة المختار!

ومن جملة الأحاديث التي تُعْجِبُ الاستعمارَ والتي تثير الفرقة بين المسلمين الحديث التاسع في كتاب سُلَيْم الذي أورد الكُلَيْنِيّ جزءاً منه في الكافي([14]) وفيه يقول - معتبراً الشيعة غير مؤمنين - : "وَأَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ الْعَبْدُ ضَالًّا أَنْ لَا يَعْرِفَ حُجَّةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَشَاهِدَهُ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِطَاعَتِهِ وَفَرَضَ وَلَايَتَه‏....".  وتم الاستناد في هذه الرواية ذاتها إلى حديث الثقلين واعتبرت الرواية كلَّ ثقلٍ من الثقلين مساوٍ للثقل الآخر، لذا نرى لزوم  ذكر بعض الأمور حول حديث الثقلين رغم أننا تكلمنا عنه فيما سبق من هذا الكتاب([15]) فنقول:

أولاً: جاء في صحيح مسلم - الذي روى الحديث المذكور عن زيد بن أرقم - كلمة كتاب الله فقط، إضافةً إلى أنه في الكتب القديمة مثل كتاب «سيرة ابن هشام» و كتاب «موطَّأ مالك» وتاريخ الطبري ذكر في الحديث عبارة «كتاب الله وسنَّة رسوله». أما لفظ «عترتي» فقد رواه الترمذي عن «زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَنْمَاطِيِّ» وهو فرد منكر الحديث و هو مذموم حتى في كتب الرجال الشيعية، وحديثه غير مقبول([16]).

ثانياً: اعتبر حضرة عليٍّ u في نهج البلاغة (ومن جملة ذلك ما جاء في كتاب عليٍّ إلى مالك الأشتر حين ولّاه إمارة مصر) القرآنَ والسُّنَّةَ حجَّةً وسبباً للهداية والسعادة وزوال الضلالة.

ثالثاً: ليس هذان الثقلان متساويين وفي مرتبة واحدة بل الأول، أي كتاب الله، هو الثقل الأكبر - كما جاء في سنن الترمذي -  وبالطبع فإن الأحاديث التي جاء فيها أن كتاب الله هو الثقل الأكبر تردُّ رواية «كتاب سُلَيْم».

رابعاً: جاء في هذا الحديث أن العترة لا تنفصل أبداً عن القرآن. ونحن أيضاً نُقِرُّ بأن الأئمَّة الكرام كانوا محبين للقرآن متَّبعين له، ولم يصدر عنهم أبداً أي كلام مخالف للقرآن، هذا في حين أن أكثر روايات الكُلَيْنِيّ والصدوق التي نُسِبَت إلى لأئمَّة - كما ستلاحظون في هذا الكتاب - لا تتفق مع القرآن! فمثلاً يبين القرآن أنه ليس للناس حجَّةٌ بعد الأنبياء أما أخبار الكُلَيْنِيّ فقد اخترعت للناس عدَّة حججٍ بعد النبي!  ويقول القرآن إن الأنبياء أنفسهم لا يعلمون بما كان وما يكون، أما أخبار الكُلَيْنِيّ فتقول ليس الأنبياء فحسب بل الأئمَّة أيضاً يعلمون الغيب!  وذكر القرآن أصول الدين وأصول الاعتقادات ولم يذكر الإمامة من بينها، أما أخبار مدّعي محبَّة أهل البيت فتقول إن الإمام والإمامة من أصول الدين!! من البديهي أنه لا يمكن أن تكون مثل هذه الأخبار من الأقوال الصحيحة لعترة خاتم النبيين، بل هي من وضع أعدائهم. أما أئمَّة العترة فكانوا أنفسهم متمسّكين بالقرآن وبسنَّة النبيّ J الجامعة غير المفرِّقة، و من اليقين أن كل ما لا يتَّفق مع القرآن ليس من كلامهم.

والخلاصة، إن كتابَ «سُلَيْم بن قيس الهِلالي» كتابٌ مفتضحٌ حقيقةً، وقد ذمَّه كثيرٌ من علماء الشيعة، ومن جملتهم آية الله  الخوئي والعلامة الشوشتري اللذَيْن اعتبرا الكتاب موضوعاً وغير مقبول. ولكن الكُلَيْنِيَّ للأسف ينقل عن هذا الكتاب عدداً من الأحاديث.

ß الحديث 2 - ضعيف لوجود «عُثْمَانِ بْنِ عِيسَى» الواقفيِّ في سنده وهو الذي خان الإمام الكاظم (ع) واختلس أمواله! وأما متنه الذي يدَّعي أن في الحديث أيضاً ناسخ ومنسوخ فقد تكلمنا عن ذلك في شرح الحديث السابق.

ß الحديث 3 - فاقد للاعتبار من ناحية سنده. لأن راويه «عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ» الضال  القائل بتحريق القرآن، وقد روى الحديث عن أبيه  الذي لم يأتِ بحقِّه توثيقٌ. كما أن من رواته «مَنْصُورَ بْنَ حَازِمٍ» الذي يروي روايات لا تتفق مع القرآن. متن الحديث أيضاً يدل على نسخ الحديث ويدَّعي أن الإمام قال إن حديثنا أيضاً مثل حديث رسول الله J فيه ناسخٌ ومنسوخٌ. ولكننا نقول إن هذا الادعاء لا يتَّفق مع الإسلام لأنه لا يُوحَى لأحد بعد رسول الله J و«النسخ» حق الله تعالى. فلا يحقّ لأحد أن يأتي بناسخ إلا بإذن الوحي الإلـهي. وبالطبع الإمامُ لا يتلقَّى الوحيَ، فلا يمكن أن يأتي بناسخٍ.

فإن قيل: إن الإمام ينسخ قوله السابق، قلنا: هل كان قوله السابق قول الشرع أم لم يكن؟ إن كان قول الشرع فلا حق للإمام بعد رسول الله J أن ينسخ قول الشرع، وإن لم يكن قول الشرع ففي هذه الصورة أنتم تعترفون أن الإمام يفتي برأيه الشخصي، وبالطبع يمكنه في هذه الحالة أن يعدِل عن رأيه، ولكن هذا لا يقال له نسخاً لان النسخ اصطلاحاً يكون لأحكام الشرع، أما في الموارد الأخرى كأن يقول شخص كلاماً مخالفاً لكلامه السابق فإن هذا يُقال له «عدول» عن رأيه السابق. فالنسخ بالمعنى الاصطلاحي لا يجوز إلا من متلقِّي الوحي أي النبي لا الإمام.   

ß الحديث 4 - سنده ضعيف جداً لوجود «سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ» الكذَّاب الخبيث فيه، هذا رغم أن راويه الآخر «ابْنَ مَحْبُوبٍ» أيضاً ليس ثقةً. وقد اعتبر المَجْلِسِيُّ هذا الحديث ضعيفاً واعتبر ذيله مُرسَلاً.

يقول الإمام في هذا الحديث: "يَا زِيَادُ مَا تَقُولُ لَوْ أَفْتَيْنَا رَجُلًا مِمَّنْ يَتَوَلَّانَا بِشَيْ‏ءٍ مِنَ التَّقِيَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَعْلَمُ جُعِلْتُ فِدَاكَ! قَالَ: إِنْ أَخَذَ بِهِ [أي أخذ بحكم ليس هو الحكم الشرعي الصحيح] فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَعْظَمُ أَجْراً وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِنْ أَخَذَ بِهِ أُوجِرَ وَإِنْ تَرَكَهُ وَاللهِ أَثِمَ"!!.

ونسأل أولاً: أين الدليل على هذا الراي من القرآن؟ ثانياً: العلماء مُجمِعون على أن التقية لا تجوز منْ قِبَلِ أئمَّة الدين خاصَّة في بيان الأحكام الإلهية لأنها تسبب ضلال عباد الله، والتقية إن كانت جائزة فإنها تجوز في الموضوعات لا في الأحكام والقوانين الشرعية، ولهذا السبب فإن القرآن الكريم بيَّن لنا أن كتمان الأمور الشرعية يستحق اللعن والذم، والتقية في الواقع نوع من كتمان حكم الله. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة/159]. ويقول أيضاً: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾   [البقرة/174].

ولذلك فإن العالِم والمرشد الديني الذي يتلقى الناس عنه دينهم وعقيدتهم وأحكام الشريعة لا يجوز أن يقول أبداً أيَّ كلامٍ مخالفٍ لقول الشرع حتى تحت عنوان التقيَّة.

ß الحديث 5 - من العجيب أن الأستاذ البهبودي صحَّح هذا الحديث وأروده في كتابه «صحيح  الكافي»! رغم أن في سنده «الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ بنِ فَضَّال» الذي كان واقفياً، وروى أحاديث توهم وقوع التحريف في القرآن من جملة ذلك روايته أن الإمام الصادق u قال: "أَنْزَلَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ سَبْعَةً بِأَسْمَائِهِمْ فَمَحَتْ قُرَيْشٌ سِتَّةً وَتَرَكُوا أَبَا لَهَبٍ!!!"([17]).  فلا ريب أن الذي يجيز لنفسه أن يروي مثل هذه  الرواية لا يمكن الاعتماد على رواياته.

والأهم من ذلك أن متن هذا الحديث غير مقبول لأن زُرَارَةَ يقول فيه: "سَأَلْتُ الإمام الباقر u عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَنِي. ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأَجَابَهُ بِخِلَافِ مَا أَجَابَنِي. ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَأَجَابَهُ بِخِلَافِ مَا أَجَابَنِي وَأَجَابَ صَاحِبِي. فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ قُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ! رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ شِيعَتِكُمْ قَدِمَا يَسْأَلَانِ فَأَجَبْتَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْرِ مَا أَجَبْتَ بِهِ صَاحِبَهُ؟! فَقَالَ: يَا زُرَارَةُ! إِنَّ هَذَا خَيْرٌ لَنَا وَأَبْقَى لَنَا وَلَكُمْ وَلَوِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ لَصَدَّقَكُمُ النَّاسُ عَلَيْنَا [أي لعرفوا أنكم من أتباعنا] وَلَكَانَ أَقَلَّ لِبَقَائِنَا وَبَقَائِكُمْ.  قَالَ زُرَارَةُ: ثُمَّ قُلْتُ للإمام الصادق u: شِيعَتُكُمْ لَوْ حَمَلْتُمُوهُمْ عَلَى الْأَسِنَّةِ أَوْ عَلَى النَّارِ لَمَضَوْا [أي لم يمتنعوا من ذلك] وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ عِنْدِكُمْ مُخْتَلِفِينَ [أي بسبب التقيَّة]! قَالَ: فَأَجَابَنِي بِمِثْلِ جَوَابِ أَبِيهِ".

ونسأل: أولاً: لماذا لم يفعل النبيُّ J في مكة مثل هذا الأمر ليحافظ على أرواح أصحابه وأموالهم فيعطيهم أجوبة مختلفة؟

ثانياً: كان السائلون - في هذا الحديث - من شيعة الإمام والقائلين بإمامته، وكان قصدهم تحصيل العلم، فلم يكن هناك مبرِّرٌ للتقيَّة معهم، ثم لماذا لم يوصهم الإمام بحفظ السرّ وعدم إفشاء حكم الشرع الواقعي، بل سعى إلى حفظ أرواحهم من خلال إيقاعهم في الحيرة بإعطائهم فتاوى مختلفة؟! وليت شعري! إن لم يقل الإمام حكم الشرع الواقعي بشكل واحد حتى لشيعته فلمن سيقول حكم الشرع الواقعي؟! ثم إن اختلاف الأقوال بين الشيعة أنفسهم سيوقع الاختلاف بينهم ويحول دون وحدتهم وهو ما نهى عنه علي u بشدة - كما في نهج البلاغة- ([18]).

ثالثاً: لا يوجد دليل أساساً على أن اختلاف الفتوى في كل مسألة من مسائل الشرع - خاصة في الأمور التي لا علاقة لها بالحكم والرئاسة - أمر خطير.

رابعاً: إن هذا العمل لا يتفق مع كتاب الله لأن القرآن يقول: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ﴾ [النحل/116]، وبناء عليه فلا يحق للإمام أن يُحرِّم حلالاً أو يُحلِّل حراماً بحجَّة التقيَّة، بل يمكنه أن يلزم الصمت - على أكثر تقدير- لا أن يفتي فتاوى مختلفة ويوقع الفرقة والاختلاف  بين الشيعة! إن الأئمَّة كانوا أكثر الناس التزاماً بقوله تعالى: ﴿أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى/13]. (وسوف نتكلَّم عن التقيَّة في الصفحات القادمة إن شاء الله).

خامساً: معظم علماء الشيعة يحملون كثيراً من روايات الأئمَّة -كالأحاديث المروية عن حضرات الصادقَيْن وحضرة الكاظم -عليهم السلام - على التقيَّة دون دليل، ويقولون اتَّقى الإمام في هذه الرواية، في حين أن هذا الادعاء مخالف لقول الإمام الرضا (ع) الذي قال: " إِنَّ أَبِيu كَانَ فِي زَمَانٍ لَيْسَ هَذَا زَمَانَهُ "([19]).

سادساً: لقد أوقعت هذه الرواية ونظائرها المتعصّبين في مشقة وعنت، إذ قام شُرّاح الحديث بمحاولات مستميتة لحل مشكلات هذه الأحاديث بزعمهم، لذا أخذوا يذكرون احتمالات يخترعونها من عند أنفسهم، دون أن يكون في الروايات قرينةٌ تدلُّ عليها، بل تشهد القرائنُ بخلافها.

تشبّث أحد المتعصِّبين في أحد الاجتماعات - دفاعاً عن هذا الحديث - بكلام «صدر الدين الشيرازي» الذي كان من الفلاسفة وَمُلَفِّقي الكلام المشهورين في العصر الصفوي، وقال: إن اختلاف أجوبة الأئمَّة كان سببه اختلاف حيثيات الأسئلة و جِهَاتُها. قلت: رغم أن كلام «صدر الدين» صحيح في حد ذاته، ولكن بما أنّ «لكل مقام مقال» فإن هذا التوجيه لا يحل هنا المشكلة أبداً، لما يلي:

أولاً: إن الموضوع الذي نقلتموه عن صدر الدين الشيرازي أمر بديهيٌّ وليس بذلك الأمر الذي لا يفهمه كل شخص. لو كان هناك الآن فرد عاديٌّ ضيفٌ على جلستنا هذه، فدخل شخص وسألني عنكم وقلتُ إن هذا السيد «إنسان» ثم دخل شخص ثانٍ وسأل عنكم فقلت له إن هذا السيد «رجل»، ثم جاء ثالث فقلت له إجابة عن السؤال ذاته إن هذا السيد «شيخ»، فإن ضيوفنا لن يتعجَّبوا من إجاباتي المتنوعة حولكم، لأنه رغم تنوّع الإجابات وتفاوتها لكن لا خلاف فيما بينها، فما بالك إذا كان الضيف «زُرَارَةَ بْنَ أَعْيَنَ» الذي يمكن القول في حقّه إنه كان زبدة تلامذة مدرسة الصادقَيْن - عليهما السلام - وكُتُبُ رجالنا مشحونةٌ بتجليله وتبجيله. إنه ليس بذلك الشخص الذي لا يدرك تنوّع الإجابات ويتعجّب منها، أولاً لأنه كان يفهم تماماً أن سؤاله وسؤال صاحبه وسؤال الشخص الثالث أسئلة متفاوتة من ناحية حيثيّتها، وبالطبع لم يكن ليتعجَّب من تنوّع الإجابات، وَمِنْ ثَمَّ لم يكن بحاجة إلى سؤال الصادق عن سبب اختلاف أجوبته لأنه لن يجد اختلافاً في تلك الأجوبة. لكن الرواية تُصرِّح قَائِلَةً: "فَأَجَابَهُ بِخِلَافِ مَا أَجَابَنِي ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَأَجَابَهُ بِخِلَافِ مَا أَجَابَنِي وَأَجَابَ صَاحِبِي"، أي أن زُرَارَةَ كان يجد في تلك الإجابات اختلافاً حقيقياً لا تنوّعاً.

ثانياً: مرجع ضمير الهاء الذي ذُكِر بشأن سؤال الرجل الثاني (فسأله عنها) هو كلمة «مسألة» التي سألها زُرَارَة، أي المسألة ذاتها التي كان زُرَارَة قد سألها وليس سؤالاً مشابهاً لها! خاصة أن الكُلَيْنِيّ أورد هذا الحديث في باب عنون له بعنوان «باب اختلاف الحديث» وليس باب تنوع الحديث.

ثالثاً: في كلامه مع الإمام صرّح زُرَارَةُ الذي تعجّب من جواب الإمام بأن الرجل الذي كان يسألكم هو من أهالي العراق ومن شيعتكم، أو قال للإمام الصادق أيضاً إن هؤلاء السائلين مؤمنون بكم إلى درجة أنهم حاضرون في سبيل محبَّتهم لكم أن يُحمَلوا عَلَى الْأَسِنَّةِ أَوْ عَلَى النَّارِ، فهم أشخاص موثوقون، ورغم ذلك يسمعون منكم أجوبةً يخالف أحدها الآخر! إن هذا الأمر بذاته يثبت بأوضح صورة أن أجوبة الإمام كان منشؤها التقية لا اختلاف حيثيات الأسئلة وجوانبها. وقلتُ: لقد أصبحتم في إجابتكم أكثر مَلَكِيَّةً من الملك! لأن الإمام نفسه أجاب زُرَارَة قائلاً: "إِنَّ هَذَا خَيْرٌ لَنَا وَأَبْقَى لَنَا وَلَكُمْ". ولو كان تأويلكم وتوجيهكم للحديث صحيحاً لما قال الإمام ذلك بل لقال إن اختلاف أجوبتي ناشئ عن اختلاف حيثيات السؤال وجهاته. لكن الإمام (ع) لم يقل مثل ذلك فادعاؤكم لا دليل عليه.

رابعاً: لا ينحصر اختلاف أجوبة الإمام في هذه الرواية، بل نجد في الحديث الثاني من  الباب 110 من أصول الكافي أيضاً أن الراوي يقول: "كُنْتُ عِنْدَ الإمام الصادق u فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَخْبَرَهُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْآيَةِ فَأَخْبَرَهُ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْأَوَّلَ. فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى كَأَنَّ قَلْبِي يُشْرَحُ بِالسَّكَاكِينِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: تَرَكْتُ أَبَا قَتَادَةَ بِالشَّامِ لَا يُخْطِئُ فِي الْوَاوِ وَشِبْهِهِ، وَجِئْتُ إِلَى هَذَا يُخْطِئُ هَذَا الْخَطَأَ كُلَّهُ! فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْآيَةِ فَأَخْبَرَهُ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَنِي وَأَخْبَرَ صَاحِبَيَّ، فَسَكَنَتْ نَفْسِي فَعَلِمْتُ‏ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَقِيَّةٌ!... الخ"([20]).

في هذا الحديث أيضاً يسأل الجميع عن آية واحدة ولكن الإمام يجيب كل واحد من السائلين جواباً مختلفاً عما يجيب به السائل الآخر. ثم إنكم تقولون إن الأئمَّة مُبيَّنون ومُفسِّرون للقرآن، وأن علينا أن نفهم القرآن ببيان الأئمَّة وتفسيرهم، فلماذا لم يفسّر الإمام الآية التفسير الصحيح لجميع سائليه؟ إن لم يفسّر الإمام الآية فمن يفسّرها إذن؟! ولا يمكن إضلال الناس بشأن القرآن فإن كان الإمام يخشى من إعطاء الجواب الصحيح كان يمكنه أن يلزم الصمت على أقل تقدير.

خامساً: يمكننا أن ندرك معنى «اختلاف الحديث» بملاحظة سائر روايات هذا الباب رقم 22 ذاته، بما في ذلك الروايات 6 و 7 و 8، فمثلاً في الرواية رقم 8 يسأل الإمام الصادق u الراوي: "أَرَأَيْتَكَ لَوْ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ الْعَامَ ثُمَّ جِئْتَنِي مِنْ قَابِلٍ فَحَدَّثْتُكَ بِخِلَافِهِ بِأَيِّهِمَا كُنْتَ تَأْخُذُ؟ قَالَ: قُلْتُ كُنْتُ آخُذُ بِالْأَخِيرِ. فَقَالَ لِي: رَحِمَكَ اللهُ".

لاحظوا أنّ السائل هنا فرد واحد لا أكثر والإمام أعطاه في السنة اللاحقة جواباً مخالفاً للجواب الذي أعطاه إياه في السنة السابقة حول السؤال نفسه، فلا كلام هنا أصلاً عن تغيير حيثيّة السؤال.

ß الحديث 6- ضعيفٌ جداً لأن في سنده «مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ» الذي كان كذَّاباً مشهوراً. وسوف نُعَرِّفُ بحاله في الصفحات القادمة إن شاء الله. أما متنه فيتضمن العيوب ذاتها التي أشرنا إليها في الروايات السابقة.

ß الحديث 7- العجيب أن الأستاذ البهبودي أورد هذا الحديث في كتابه «صحيح الكافي» ! رغم أنَّ راوِيَهُ «عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى» الوكيلُ الخائنُ  للإمام موسى الكاظم (ع). وراويه الآخرُ «سَمَاعَةُ» واقفيُّ المذهب!  يُشارُ - بالطبع - إلى أن البهبودي لم يقبل بذيل الحديث. متن الحديث أيضاً معلولٌ؛ إذ فيه أنهم يسألون الإمام "عَنْ رَجُلٍ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فِي أَمْرٍ كِلَاهُمَا يَرْوِيهِ أَحَدُهُمَا يَأْمُرُ بِأَخْذِهِ وَالْآخَرُ يَنْهَاهُ عَنْهُ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ: يُرْجِئُهُ حَتَّى يَلْقَى مَنْ يُخْبِرُهُ [يعني يلقى الإمام]، فَهُوَ فِي سَعَةٍ حَتَّى يَلْقَاهُ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِأَيِّهِمَا أَخَذْتَ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ وَسِعَكَ".

ونسأل: لو أن السائل كان من أهالي بلخ أو خراسان أو مصر فكيف يصنع؟ وكيف يُوصِلُ نفسَه إلى الإمام؟

ß85 الحديث 8- سنده - بمعزل عن كونه مرسلاً - ضعيفٌ بوجود راوٍ خائن مثل «عُثْمَانِ بْنِ عِيسَى» فيه. وراويه الآخر «الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُخْتَارِ» اعتبره الممقاني نقلاً عن الشيخ الطوسي: واقفيَّاً، كما عدَّه الشيخ البهائي في «الوجيزة» والعلامة الحلِّيّ: واقفياً وضعيفاً. ومتن الحديث معلولٌ أيضاً، لأن الراوي يدَّعي فيه أن الإمام الصادق u قال له: "أَرَأَيْتَكَ لَوْ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ الْعَامَ ثُمَّ جِئْتَنِي مِنْ قَابِلٍ فَحَدَّثْتُكَ بِخِلَافِهِ بِأَيِّهِمَا كُنْتَ تَأْخُذُ؟....".

ونسأل: هل يجوز أن يُبَيِّن شخصٌ ما أحكامَ الدين وتعاليمَه كلَّ سنةٍ على نحوٍ يخالف ما بيَّنَه في السنة السابقة؟! ألا يكون من يفتي بأقوال مختلفة باسم  الدين مفترياً على الله؟!

أضِفْ إلى ذلك أن هذا الحديث والأحاديث المشابهة له تتعارض مع الأحاديث التي قال فيها الأئمَّة إن حديثنا هو حديث النبيِّ ونحن لا نقول بشيء من عندنا بل كل ما نقوله هو قول النبيJ؛ إذْ كيف يمكن أن يتبدل قول النبي J كلَّ سنة؟  من جملة هذه الأحاديث الحديث 14 من الباب 18 من الكافي وفيه يَقُولُ الإمام الصادق u: "حَدِيثِي حَدِيثُ أَبِي وَحَدِيثُ أَبِي حَدِيثُ جَدِّي وَحَدِيثُ جَدِّي حَدِيثُ الْحُسَيْنِ وَحَدِيثُ الْحُسَيْنِ حَدِيثُ الْحَسَنِ وَحَدِيثُ الْحَسَنِ حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ u وَحَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ o وَحَدِيثُ رَسُولِ اللهِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ".  ونموذج آخر لهذه الأحاديث رواية الكشي عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: "فَلَا تَقْبَلُوا عَلَيْنَا خِلَافَ الْقُرْآنِ فَإِنَّا إِنْ تَحَدَّثْنَا [حَدَّثْنَا ] حَدَّثْنَا بِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ وَمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ. إِنَّا عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ نُحَدِّثُ، وَلَا نَقُولُ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَيَتَنَاقَضُ كَلَامُنَا. إِنَّ كَلَامَ آخِرِنَا مِثْلُ كَلَامِ أَوَّلِنَا وَكَلَامَ أَوَّلِنَا مِصْدَاقٌ لِكَلَامِ آخِرِنَا"([21]).

ß الحديث 9- سنده ضعيفٌ بسبب وجود «الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ» فيه والذي عرَّفنا به من قبل([22]). وقد اعتبر المَجْلِسِيُّ هذا الحديث مجهولاً. يقول الراوي أنه سأل الإمام الصادق u: "إِذَا جَاءَ حَدِيثٌ عَنْ أَوَّلِكُمْ وَحَدِيثٌ عَنْ آخِرِكُمْ بِأَيِّهِمَا نَأْخُذُ؟ فَقَالَ خُذُوا بِهِ حَتَّى يَبْلُغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ فَإِنْ بَلَغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ فَخُذُوا بِقَوْلِهِ! ... وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ خُذُوا بِالْأَحْدَثِ".

أقول: بناء على هذا الحديث لو كان لدينا حديث عن أمير المؤمنين وحديث عن الإمام الجواد فعلينا أن نأخذ بحديث الإمام الجواد وندع حديث أمير المؤمنين علي u.  إذا كان الأمر كذلك، فكان ينبغي على الرواة أن يسألوا الإمام اللاحق: لماذا تأخذ الحديث عن آبائك رغم أنهم ليسوا بأحياء الآن؟!  ثم إن هذا الحديث متعارض مع الأحاديث التي تقول: حَدِيثُنا حَدِيثُ آبائنا وهو حَدِيثُ رسول الله J، الذي ذكرنا قبل قليل نماذج عنه.  من هذا الحديث يَتَبَـيَّنُ أن الإمام يموت، وأن الإمام الحيَّ يختلف عن الإمام الميِّت. هنا ينبغي أن نسأل الخرافيين: إذا كان الإمام يموت فلماذا تعتبرون الأئمَّة حاضرين ناظرين في كل مكان وتطلبون منهم  العون والحوائج؟!

ß الحديث 10- سنده فاقد للاعتبار لوجود «مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى» فيه، الذي بيَّنَّا حاله في شرحنا على الحديث 13 في الباب 20 من الكافي، وقد ذكرنا فيما سبق نماذج من رواياته([23])

86والراوي الآخر للحديث «صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى» الذي يَتَبَـيَّنُ من الخبر الذي رواه في الباب 51 من الكافي أنه رجلٌ فاسد العقيدة وجبريٌّ مخالف لعقيدة الشيعة [في حرية الإرادة]. والراوي الآخر للحديث: «عُمَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ» الذي لم يأت بحقِّه توثيقٌ.

أما متن الحديث فلست أدري إن كان من الممكن أن نجد حديثاً فيه خدمة لأعداء الدين والمستعمرين و معاندي الإسلام أكثر من هذا الحديث؟!

يسأل «عُمَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ» الإمامَ: "..... فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ ......... وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ [أي أهل السنَّة] وَالْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ؟ قَالَ: مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ!!!".

نعم، هذا الحديث هو مستند قاعدة (خُذْ مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ) في فقه الشيعة الإمامية. وفي الواقع، منشأ كثير من اختلافات فقه الشيعة الإمامية عن فقه  سائر المذاهب الإسلامية هو هذه القاعدة غير المعقولة وغير الميمونة!

للأسف الشديد في هذه الأيام التي أنا مشغولٌ فيها بتهذيب هذا الكتاب، لا أملك تلك القوَّة والصحّة المساعدة على القيام بأبحاث مفصَّلة، وإلا فإني أرى من اللازم أن تُؤَلَّف كُتُبٌ في بيان خطأ هذا الأصل الذي لا أساس له من الصحة. ولكنني سأكتب بضعة أسطر بشأن الحديث المذكور الذي هو أحد مستندات هذا الأصل الشيطاني. وآمل أن يهتمّ سائر المشفقين والمصلحين الخيّرين بهذا الأمر كما يستحق، وَيُعَرِّفوا الناسَ على الحقائق وينقذوا الإسلام العزيز من أسر مثل هذه الأباطيل والخرافات. نعم مثل هذه الأخبار أوقعت الفرقة بين المسلمين وسوء ظن كل فرقة منهم بالأخرى. ولا أدري بأي وجهٍ سيلقى هؤلاء الوضاعين للحديث المفرقين بين المسلمين ربَّهم يوم القيامة. وليت شعري! إذا روى الآخرون [أي غير الإمامية] حديثاً عن الرسول الأكرم o هل يجب علينا أن نرفض العمل به  ونأخذ بالحديث المخالف له؟! إن ما يتضمنه هذا الكلام هو أنه لا يمكن أن يوجد أي حق لدى الآخرين الذين يخالفوننا في المذهب، ولذلك فعلينا أن نأخذ بكل ما يخالفهم! إنه من المحال أن يقول الإمام مثل هذا الكلام، فهذا النمط من التفكير سوء ظن بالمسلمين حرَّمه الله تعالى بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات/12].

هذا، ثم قال الإمامُ في قسم آخر من الحديث:

"يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَيُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ ...... [عندئذٍ يسأل الراوي الإمام فيقول:] قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ؟ ".

أقول: هنا يُجيبُ الإمام - حسبَ الرواية - بجواب لا أظن أن عالماً عادياً يمكنه أن يقول مثل هذه الكلام، فما بالك بالإمام الصادق u؟ لأن الإمام لا يجيب بقوله: كيف يمكن أن يكون الخبران عنا أهل البيت مما أجمع عليهما الأصحاب واتفقوا على صدورهما عنا، مع كون رواة الحديثَيْنِ كلهم ثقاةٌ، ورغم ذلك يعارضُ أحد الحديثين الآخرَ بحيث أن أحد الحديثين يوافق جماعةً من الشيعة والآخر يخالفهم؟! بل يقول الإمام: "قَالَ يُنْظَرُ، فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ، وَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْعَامَّةَ".

وأقول: إن هذا الجواب لا يخلو من إشكال لأنَّ فَرْضَنَا من البداية هو أن كلا الحديثين يتَّفق مع القرآن والسنة، والطريف أن الإمام هنا نسي ذلك الأصل، إضافةً إلى أن عدم توافق الحديث مع القرآن والسنة يكفي لردِّه وإبطاله، وَمِنْ ثَمَّ فمن الزائد البحث هل يوافق العامَّة أم يخالفهم! (فتأمَّل).

مرَّة أخرى يسأل الراوي الإمام ويقول: "قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَالْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ؟ قَالَ: مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ!!".

أقول: إن كلَّ عاقل يعلم أن إجماعَ الأكثرية أو اتِّفاقَهم يمكن أن يكون مرجِّحاً في حال فقدان المرجحات الأخرى، أما في الحديث أعلاه فلم يتم الانتباه إلى هذه المسألة وليس هذا فحسب بل جاء في وسط الحديث أن إجماع الشيعة واتفاقهم سبب لتقوية صحة حديث، وَمِنْ ثَمَّ فإن ترك الحديث الذي لا يتَّفق عليه الشيعة سيكون أمراً تلقائياً، ولكننا نجد في أواخر الحديث أن إجماع المسلمين واتِّفاقهم موجبٌ لتضعيف الحديث ونزول رتبته وعلو رتبة الحديث المخالف!! وهذا أمر عجيب! لأنه إذا كان الحديث الذي رُوِيَ عَنْ أهل البيت موافقاً ومشابهاً للأحاديث التي رواها سائر المسلمين، فمعنى ذلك أن جميع المسلمين شيعة وسنة قد اتَّفقوا على هذا الحديث، وعندئذٍ فلماذا ينبغي أن لا نعتني بهذا الاتفاق والإجماع ولا نقيم له وزناً ولا اعتباراً؟ بل نعتبره مُضَعِّفاً للحديث، ولماذا يجب أن نبحث عن الحق فيما يخالفه؟([24]) 

إن كاتب هذه السطور يرى أن مثل ذلك الجواب الذي نُسِبَ إلى الإمام لا يُحْتَمَلُ صدورُهُ حتى من الفقهاء الكبار فضلاً عن أن يصدر عن إمام كالإمام الصادق (ع) بجلالة قدره وتقواه الشديدة وعلوّ مقامه ورفعة شأنه إذ كان موضعَ احترامٍ مِنْ قِبَلِ جميع الفرق الإسلامية.

بالطبع يمكننا أن ندرك الهدف الأساسي الذي سعى إليه واضع هذا الحديث من افترائه تلك الفقرة، حين يسأل: "فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً؟؟ [أي كان كل حديث من الحديثين يوافق فريقاً من العامة]؟ قَالَ [الإمام]: يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَقُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَيُؤْخَذُ بِالْآخَرِ!".

من الواضح أن الذين وضعوا هذا الحديث كانوا من معارضي حكومة زمنهم وكانوا يريدون أن يُكَرِّهُوا الناس بحكَّام تلك الحكومة وقضاتها المُعَيَّنين من قِبَلِهَا، كي يميل الناسُ إلى أولئك المعارضين ويلتحقوا بهم. 

في الجملة الأخيرة من الحديث يُعهَد بإجابة السؤال الأخير إلى إمام الوقت، ومعنى ذلك أن الذين لا يصلون إلى الإمام سيكون تكليفهم الشرعي مبهماً غير محدد!!



([1])   هو الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، لا يُعرف تاريخ ولادته أو وفاته بدقة، وكل ما يُعرف عنه أنه من علماء الإمامية في القرن السادس الهجري. وهو غير الطبرسي الفاضل صاحب تفسير "مجمع البيان"، وكلا الطبرسيين من مشايخ ابن شهر آشوب المازندراني المتوفى سنة 588هـ. (المُتَرْجِمُ)

([2]) هو الشيخ أبو محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي من علماء الإمامية في القرن الثامن الهجري.

([3])   وقد ألف هذا الرجل كتاباً في إثبات تحريف القرآن سمَّاه: «فصل الخطاب في تحريف الكتاب»!!! (و توفي سنة 1320 هـ.).

([4]) لم يشر أي من العلماء المتقدمين الذين رووا روايات سُلَيْم  إلى كتاب سُلَيْم هذا، وأوَّل من أشار إلى هذا الكتاب هو الشيخ المفيد فمن بعده.

([5])   شاهراه اتحاد [طريق الاتحاد]، صفحة 37 و133 حتى 137.

([6])   عندما يروي راوٍ حديثاً عن شخص دون أن يكون قد سمعه منه مباشرةً، بل وجده مكتوباً في صحيفة أو كتاب منسوب لذلك الشخص، تُسَمَّى مثل هذه الرواية: «وِجادة».

([7])   الشيخ محمد باقر البهبودي، معرفة الحديث، ص259-260.

([8])   الأستاذ البهبودي، معرفة الحديث، ص257، وقال: كما نصَّ عليه [أي على عدم وجود معاذ بن جبل في المدينة عند بيعة السقيفة] الطبري في تاريخه ج3، ص228، وابن الأثير في كامله ج2، ص336، وابن الأثير في أسد الغابة، ج5 ص195، والذهبي في تذكرة الحفاظ، ص21. (المُتَرْجِمُ)

([9])   أورد الكُلَيْنِيُّ أيضاً في روضة الكافي الرواية رقم 341 وفيها: "كَانَ النَّاسُ أَهْلَ رِدَّةٍ بَعْدَ النَّبِيِّ (ص) إِلَّا ثَلَاثَةً الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِي‏....."!!

([10])  لمعرفة صحة وسقم ادعائه وادعاء أمثاله بهذا الشأن راجعوا كتاب «شاهراه اتِّحاد» [طريق الاتِّحاد] تأليف الأستاذ حيدر علي قلمداران.

([11]) النقض، ص 296 - 297.

([12])  أورد الكُلَيْنِيّ في الكافي أيضاً في الباب 183 روايات أن الأئمة ثلاثة عشر!

([13]) هذه الرواية تخالف الرواية التي أوردها أبو عبد الله الزنجاني (ت 1360 هـ. ق.) في كتابه «تاريخ القرآن» حيث قال: "وفي كلام ابن طاووس رحمه الله في كتاب سعد السعود أن عثمان عاد وجمع المصحف برأي عليٍّ (ع) تأييدٌ لما ذكره الشهرستاني في مقدَّمة تفسيره برواية سويد بن علقمة قال سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: أيها الناس، الله الله إياكم والغلو في أمر عثمان، وقولكم حرّاق المصاحف، فواللهِ ما حرقها إلا من ملإ من أصحاب رسول الله (ص)". (تاريخ القرآن، ص 81 فما بعد).  هذا ولو كان قد حصل أدنى تغيير في القرآن لما سكت عليٌّ (ع) عن ذلك و لقام في زمن خلافته بإصلاح النقص في القرآن قبل أن يقوم بأي عمل آخر.

([14])  أصول الكافي، ج 2، ص 414 - 415.

([15])  راجعوا الصفحة 57 فما بعد.

([16]) الواقع أن حديث صحيح مسلم تضمَّن ذكر الثقل الثاني بعبارة «وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي..- 3 مرات-» كما أن حديث «الثقلين: كتاب الله وعترتي» رُوي في مصادر أهل السنة بعدة طريق غير طريق زيد بن الحسن الأنماطي، فقد رواه النسائي في السنن الكبرى عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم، ورواه  أحمد في المسند والدارمي في السنن والحاكم في المستدرك وغيرهم من طرق متعددة حكم الحفاظ بصحتها أو حسنها على الأقل. (المُتَرْجِمُ)

([17]) رجال الكشي، ص 247. أو ص 290 من طبعة مشهد. والرواية نقلها المجلسي أيضاً عن رجال الكشي في بحار الأنوار، ج 89، ص 54. (المُتَرْجِمُ)

([18])  نهج البلاغة، الخطبة 18، و127، وخطب الإمام وكلامته الأخرى.

([19])  أصول الكافي، باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا (ع)، ج 1، ص 314.

([20])  أصول الكافي، ج 1، ص 265 - 266.

([21]) رجال الكشي، طبع كربلاء، ص 195 - 196. أو طبع مشهد ص 224.

([22]) راجع الصفحات 212 فما بعد من هذا الكتاب.

([23]) راجع الصفحة 207 فما بعد من هذا الكتاب.

([24])  أدري أنهم يقولون إن اتفاق رواية الأئمة مع رواية الآخرين يُحمَل على التقية، ولكن إذا انتبهنا إلى الأمور التي سنذكرها في السطور التالية حول التقية سوف نرى أن مثل هذا الاحتمال غير صحيح أبداً.