71. بيان حال «عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ» وذكر نماذج لرواياته التي تكشف ضعفه وعدم وثاقته

إن «عَلِيَّ بْنَ الْحَكَمِ» يروي كثيراً من الخرافات. ويوجد في كتب الرجال عدة أشخاص يحملون هذا الاسم وليس معلوماً أيُّ واحد منهم هو.

1- من روايات «عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ» الحديث 22 من الباب 165 الفاضح من أبواب الكافي الذي سيأتي بيان بطلانه.

2- ومن أباطيله أيضاً الحديث الأول من الباب 96 من الكافي الذي يقول:"دَخَلَ عَلَيْهِ [أي على الإمام الصادق u] رَجُلَانِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ فَقَالَا لَهُ: أَفِيكُمْ إِمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ؟ قَالَ فَقَالَ لَا. قَالَ فَقَالَا لَهُ: قَدْ أَخْبَرَنَا عَنْكَ الثِّقَاتُ أَنَّكَ تُفْتِي وَتُقِرُّ وَتَقُولُ بِهِ وَنُسَمِّيهِمْ لَكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَهُمْ أَصْحَابُ وَرَعٍ وَتَشْمِيرٍ وَهُمْ مِمَّنْ لَا يَكْذِبُ. فَغَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع): مَا أَمَرْتُهُمْ بِهَذَا فَلَمَّا رَأَيَا الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ خَرَجَا فَقَالَ لِي أَتَعْرِفُ هَذَيْنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ هُمَا مِنْ أَهْلِ سُوقِنَا وَهُمَا مِنَ الزَّيْدِيَّةِ وَهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ o عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ. فَقَالَ: كَذَبَا لَعَنَهُمَا اللهُ.... الخ"([1])

وهنا نسأل: لماذا يغضب الإمام بلا داعٍ؟ ولماذا يلعن شخصين مسلمين؟ هل كان راوي ذلك الحديث من أنصار الإمام ومحبيه فعلاً؟

3- 97ومن روايات «عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ» أيضاً الحديث الثالث من الباب 154 من الكافي الذي يقول فيه: "عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ u  فَاحْتُبِسْتُ فِي الدَّارِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَهُوَ يَلْتَقِطُ شَيْئاً وَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ فَنَاوَلَهُ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! هَذَا الَّذِي أَرَاكَ تَلْتَقِطُهُ أَيُّ شَيْ‏ءٍ هُوَ؟ فَقَالَ: فَضْلَةٌ مِنْ زَغَبِ الْمَلَائِكَةِ نَجْمَعُهُ إِذَا خَلَّوْنَا نَجْعَلُهُ سَيْحاً([2]) لِأَوْلَادِنَا. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! وَإِنَّهُمْ لَيَأْتُونَكُمْ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! إِنَّهُمْ لَيُزَاحِمُونَّا عَلَى تُكَأَتِنَا"([3]).

في نظرنا كان واضع الرواية التي رواها «عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ» من عوام الناس ممن يتصورون أن الملائكة يشبهون الإنسان وأن لهم أجنحة كما نرى في كثير من اللوحات الزيتية! مع أنه ليس من المعلوم أن يكون للملائكة أجسام كثيفة كالطيور، وأن يسقط من بعض الملائكة زَغَبٌ [أي ريشٌ] كما يسقط من ريش الطيور!! حتى يمكن أن يقوم شخص بصناعة كساء أو عباء منه!

ثم إننا نسأل: هل كانت ذلك الريش قابلاً للرؤية أم لا؟ إن كان قابلاً للرؤيا فإن الإمام - وربما غير الإمام أيضاً - كان يراه، وهذا يخالف قول الكُلَيْنِيّ في الباب 61 من الكافي. وإن كان ريش الملائكة غير جسمي، وغير مرئي، فكيف أمكن أن يُصنَع منه كِسَاءٌ أو عَبَاء؟ ثم كيف يمكن جمع الشيء غير الجسمي وغير المرئي من الأرض؟!  وكيف يمكن للملائكة غير الجسميين، وغير المرئيين أن يزاحموا الأئمة على ما يتكئون عليه؟!

لاحظوا أن الراوي نفسه لم يكن يفهم ما يُلَفِّقُهُ من كلام!!

4- وَ«عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ» أيضاً من رواة الحديث الثالث من الباب 175 من الكافي الذي يقول إن الإمام الباقر (ع) لما سأله أَبُو بَصِيرٍ: فَأَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تُحْيُوا الْمَوْتَى وَتُبْرِءُوا الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ؟ قَالَ الإمام الباقر (ع): نَعَمْ بِإِذْنِ اللهِ..."([4]).

هذا في حين أن رسول الله o نفسه لم يُحْيِ أيَّ مَيِّتٍ ولم يَشْفِ أيَّ أَكْمَهٍ أو أبرص وما من دليل على أنه كان قادراً على فعل ذلك.

5- 98والأسوأ من كل ذلك أن «عَلِيَّ بْنَ الْحَكَمِ» يروي روايةً هي الحديث 28 في باب النوادر من كتاب «فضل القرآن» في المجلد الثاني من الكافي (ص 634) ونصُّهُ: "عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ u قَال: إِنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي جَاءَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام إِلَى مُحَمَّدٍ o سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ آيَةٍ!!".

ومراد الراوي أن يقول إن القرآن المقبول لدى أمة الإسلام والذي لا يزيد عدد آياته على 6000 ونيف (أقل من سبعمائة) ناقصٌ، وأن القرآن الحقيقيَّ الذي نزل على محمد o كان يشتمل على سبعة عشر ألف آية!! يعني أن أكثر من إحدى عشر ألف آية سقطت من القرآن، ولم يعلم بذلك أحد إلا هذين الراويين المغرضين. ولم يقم الأئمَّة عليهم السلام لاسيما أمير المؤمنين علي u في عهد خلافته بأي سعي لإخبار الأمة عن حذف أكثر من إحدى عشر ألف آية من القرآن كما أن المهاجرين والأنصار وسائر الصحابة مروا على هذه الواقعة العظيمة مرور الكرام بكل بساطة وسكتوا عنها!

ليت شعري! ألم يقل الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾  [الحجر/9].؟ وقال أيضاً: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ 41 لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت/41-42]. فهل أخلف الله وعده - والعياذ بالله - أم أن الحقَّ تعالى حفظ قرآنه، وهذا الحديث ليس سوى كذب محض؟ ولا ينقضي العجب! من علماء الشيعة الذين يعتبرون «الكافي» كتاباً موثوقاً رغم احتوائه على مثل هذه الأخبار الفاضحة. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ. وإلى اللهِ نَشْكُو.

إن هذا الراوي هو ذاته الذي روى [عن الإمام الرضا (ع)] أن مجامعة الزوجة من دبرها جائزٌ !! كما نقل عنه ذلك الطوسي في كتابه الاستبصار([5]).

ß الحديث 2 - سنده مجهول حسب قول المجلسيّ. أما متنه فلا إشكال فيه.

 ß الحديث 3 - متنه حسنٌ.

ß الحديث 4 - مرفوعٌ. أما متنه فنصُّهُ: "عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي قَالَ سَأَلْتُ الرِّضَا (ع) عَنِ التَّوْحِيدِ فَقَالَ: كُلُّ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَآمَنَ بِهَا فَقَدْ عَرَفَ التَّوْحِيدَ. قُلْتُ: كَيْفَ يَقْرَأُهَا؟ قَالَ: كَمَا يَقْرَأُهَا النَّاسُ، وَزَادَ فِيهِ كَذَلِكَ اللهُ رَبِّي ،كَذَلِكَ اللهُ رَبِّي".

لا ريب أن الإمام لم يزد شيئاً على ألفاظ القرآن، بل من المحتمل أنه قال جملة "كَذَلِكَ اللهُ رَبِّي" مرتين من باب التأييد والإقرار بجمل السورة. لكن الراوي الجاهل لم يفهم أن هذه الجملة إقرارٌ وتأييدٌ من الإمام لما جاء في سورةٍ من سور القرآن المجيد([6])، بل ظنَّ أن الإمام زاد شيئاً على الكلمات المعروفة للسورة.

هكذا تلاحظون كيف يُحَرِّفُ هؤلاء الرواة الذين لا يتمتَّعون بقوة التشخيص الروايات ويصبحون سبباً لتُهْمَة الأئمَّة عليهم السلام.



([1])   الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، ج 1، ص 232 - 233. (المُتَرْجِمُ)

([2])   سيحاً: السيح نوع من الكساء أو العباء. (المُتَرْجِمُ)

([3])   الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، ج 1، ص 393 - 394.  (المُتَرْجِمُ)

([4])   الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، ج 1، ص 470.  (المُتَرْجِمُ)

([5])   الشيخ الطوسي، الاستبصار، ج 3، ص 243 - 244.  (المُتَرْجِمُ)

([6])   كما روى الطبرسي في تفسيره «مجمع البيان» في ختام سورة التوحيد (الإخلاص) عن الفضيل بن يسار قال أمرني أبو جعفر [الإمام الباقر (ع)] أن أقرأ قل هو الله أحد وأقول إذا فرغت منها: "كذلك اللهُ رَبِّي"، ثلاثاً.