102. بَابُ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ وَالْأَمْرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ

يشتمل هذا الباب على أربعة عشر حديثاً لم يصحح الأستاذ البِهْبُودِيّ إلا الحديث الخامس منها فقط، واعتبر المَجْلِسِيُّ الحديث الرابع عشر منها صحيحاً، والحديث الخامس مجهولاً بمنزلة الصحيح(!!)، والحديثين 9 و11 مُرسَلَيْن بمنزلة الصحيح (!!)، والحديث 1 مرفوعاً، والأحاديث 2، 3، 10، 12، ضعيفةً، والحديثين 4 و6 مجهولين، والأحاديث 7و 8 و13 مرسلةً.

أحاديث هذا الباب جميعُها تخالف عقيدة الجبر بشكل كامل. من جملتها الحديث الثاني الذي يقولُ الإمامُ الصادقُ u فيه: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ إِلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ".  في حين اُدُّعي في الباب السابق أن الإمامين الباقر والصادق - عليهما السلام - قالا: إن الله تعالى يقول: أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ... وَأَجْرَيْتُ الخَيْرَ والشَّرَّ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُرِيدُهُ!!

ألم يكن الكُلَيْنِيُّ منتبهاً إلى هذا التناقض الواضح؟! حقاً إننا لنتساءل: ما الهدف من الإتيان بهذه الأحاديث التي ينقض بعضها بعضاً؟! هل كان الكُلَيْنِيُّ يؤمن بكلا العقيدتين أم لم يكن يؤمن بأي منهما؟! هل يمكننا أن نقول إن الأئمَّة نطقوا بتلك الأحاديث المتناقضة من باب التقية أو الخوف مثلاً؟! وليت شعري! إذا كان كلام الأئمَّة متناقضاً إلى هذا الحدّ فماذا نتوقَّع من الآخرين؟! نحن لا نصدِّق أبداً أن الأئمَّة الأجلاء الكرام قالوا تلك الأقوال.

ß الحديث 1 - يقول المَجْلِسِيّ إنه مرفوع، والحقيقة أنه حتى لو لم يكن مرفوعاً فإن وجودَ «سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ» الكذَّابِ فيه يكفي للحكم بضعفه.

ß الحديثان 2 و3 - ضعيفا السند حسب رأي المَجْلِسِيّ، لكن متنهما صحيح لا إشكال فيه.

ß الحديث 4 - مجهول السند لكن متنه لا يخالف القرآن.

ß الحديث 5 - اعتبره المَجْلِسِيُّ مجهولاً بمنزلة الصحيح، واعتبره الأستاذ البِهْبُودِيُّ صحيحاً. ولا إشكال في متنه.

ß الحديث 6 - مجهولٌ.

ß الحديث 7 - مُرْسَلٌ. ولم يحلّ الإمام - حسب متن الحديث - مشكلة السائل!

ß الحديثان 8 و 9 - من ناحية السند مرسلان، أما متنهما فجيّدٌ.

ß الحديث 10 - ضعيفٌ. أحد رواته «صَالِحُ بْنُ سَهْلٍ» من الغلاة الذين كانوا يؤلهون الإمام الصادق - والعياذ بالله - ويبدو أنه هو الذي وضع هذا الحديث. وحقاً إنه لَمِمَّا يثير العجب! أن يورد الكُلَيْنِيُّ في كتابه أحاديث مثل هؤلاء الأفراد!

ß الحديث 11 - مُرْسَلٌ. ولكن متنه جيد.

ß الحديث 12 - هو تكرار للحديث السادس من الباب 49 من الكافي. ولا إشكال في متنه.

ß الحديث 13 - مُرْسَلٌ. ولا إشكال في متنه.

ß الحديث 14 - لم يعتَبِرْهُ البِهْبُودِيُّ صحيحاً، وبالطبع فإن الحديث الذي يوجد في سنده «أحمد البرقي» لا يوثق به. والراويان الأول والثاني لهذا الحديث أي عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ هما ذاتهما اللذان رويا الحديث القائل "إِنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي جَاءَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام إِلَى مُحَمَّدٍ o سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ آيَةٍ!!!"([1]) ، وقد اعتبر المجلسيُّ حديث أمثال هؤلاء الرواة صحيحاً.

لا يخفى أن الروايات التي جاءت في بابِ (الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ وَالْأَمْرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) مجملة ومبهمة ولم توضِّح كيفية الأمر بين الأمرين. ولكنها على الأقل أفضل من أحاديث البابين 51 و 52.



([1])   راجعوا الصفحة 273من الكتاب الحالي.