130. بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ (ع) نُورُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ

جاءت في هذا الباب ستَّة أحاديث لم يُصحِّح الأستاذ البِهْبُودِيّ منها إلا الحديث الثالث فقط. أما المَجْلِسِيّ فاعتبر الأحاديث 1 و3 و4 ضعيفةً، والحديث 2 مرسلاً، والحديث 6 مجهولاً، والسند الأول للحديث 5 ضعيفاً وسنده الثاني صحيحاً.

ß الحديثان 1و4 - درسنا كلا الحديثين ونقدناهما في الصفحة 315من هذا الكتاب. فَلْتُرَاجَعْ ثَمَّةَ. ويجدر بالتذكير أن أحد رواة هذا الحديث الرابع هو «عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ» فطحيُّ المذهب.

ß الحديث 2 - يقول «علي بن إبراهيم» القائل بتحريف القرآن: إن الإمام الصادق u قال: "النُّورُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ - أي في الآية 57 من سورة الأعراف -: عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْأَئِمَّةُ عليهم السلام!!".

أقول: الآية المُشَارُ إليها هي التالية:

﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف/157].

قال الشيخ الطبرسي في تفسيره «مجمع البيان»:

 "﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ﴾: معناه القرآن الذي هو نور في القلوب، كما أن الضياء نورٌ في العيون، ويهتدي به الخلق في أمور الدين كما يهتدون بالنور في أمور الدنيا.  ﴿الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾: أي أُنْزِلَ عليه. وقد يقوم «مَعَ» مقام «عَلَى» كما يقوم «عَلَى» مقام «مَعَ». و قيل معناه: أُنْزِلَ في زمان النبيِّJ وعلى عهده".

وأقول:

أولاً: هل يحتمل أي شخص ذي علم باللغة العربي أن يكون «النُّور» الذي أُنزِلَ على النبيJ شيئاً سوى القرآن؟([1])

ثانياً: سورة الأعراف مكية، ولم يكن أكثر الأئمة قد ولدوا أصلاً حين نزولها، ولم يكن موضوع الإمامة مطروحاً أصلاً في ذلك الحين.

ثالثاً: إذا كان المقصود من «النُّور» علياً وأولاده، فلماذا لم يذكرهم الله تعالى بالاسم؟ هل عَمِلَ اللهُ تعالى -نعوذ بالله- بالتقية أيضاً؟! أم أن رواة الكُلَيْنِيّ يَكْذِبون.

رابعاً: هل الأئمَّةُ  يُنَزَّلُون؟ فلماذا لم يقل القرآن إنا أنزلنا النبيَّ أيضاً؟!

خامساً: ألا يعلمون أن هداية النبي ذاته والأئمَّة إنما هي بواسطة القرآن الكريم الذي اعتبره الله نور هداية وخاطب رسوله قائلاً: ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾  [الشورى/52].

ß الحديث 3 - اعتبره المَجْلِسِيّ ضعيفاً، أما الأستاذ البِهْبُودِيّ فصحَّحه! راويه الأول «أَبو الْجَارُودِ» الذي لَعَنَهُ الإمام الصادق u وقال عنه إنه يرحل عن الدنيا تائهاً وضالاً([2])، وقال عنه المرحوم «هاشم معروف الحسني»: لا يُعْتَمَدُ على رواياته بتصريح علماء الرجال ([3]).  وراويه الآخر «ابن فضال» الواقفي.

يقول «أبو الجارود» أعمى البصيرة: إن الإمام الباقر (ع) قال: إن المقصود من النور في الآية 28 من سورة الحديد، أي قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ﴾ «الإمام»، أي أن معنى الآية: وَيَجْعَلْ لَكُمْ إِمَاماً تَأْتَمُّونَ بِهِ!

أما الشيخ الطبرسي فقال في «مجمع البيان»:

"﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ [الحديد/28]: أي هدى تهتدون به عن مجاهد، وقيل النور القرآن، وفيه الأدلة على كل حقّ والبيان لكلّ خير، وبه يستحقّ الضياء الذي يمشي به يوم القيامة".

هذا ما قاله الطبرسي، أما رواة الكُلَيْنِيّ فيقولون إن المقصود من «النُّور» في الآية هو «الإمام»!

ونقول: إن كان المقصود من «النور»: «الإمام»، فإن الله علام الغيوب كان يعلم أن أكبر خلاف سيقع في أمة خاتم النبيين J ويسبِّب مشاكل عديدة للمسلمين هو اختلافهم حول مسألة الإمامة المنصوص عليها من الله، وَمِنْ ثَمَّ كان [بمقتضى حكمته ولطفه] سيبين لنا قطعاً هذا الإمام ويُبيِّن لنا موضوع «الإمامة» بألفاظ أكثر وضوحاً كي تتم الحجة على المسلمين ولا يترك مهمة هداية الناس إلى مسألة الإمامة ومعرفة أنها من أصول الدين إلى أمثال «أبي الجارود»!

ß الحديث 5 - يرويه «الْعَمْرَكِيّ» الخرافي، و«سهل بن زياد» الكذَّاب، فَيَرْوِيَان أن الإمام الصادق u قال بشأن الآية 35 من سورة النور، إن المقصودَ من «المِشْكَاة» فيها فَاطِمَةُ u، والمقصودَ من كلمة «مِصْباحٌ»: الْحَسَنُ، ومن كلمة «زُجاجَةٍ»: الْحُسَيْنُ، ومن «كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ»: فَاطِمَةُ،.... والمقصود من «ظُلُماتٍ» فلانٌ وفلانٌ - أي أبو بكر وعمر -، والمقصود من «مَوْجٌ» عثمانُ، والمقصود من «بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ» مُعَاوِيَةُ وَفِتَنُ بَنِي أُمَيَّةَ !!

هل تلاحظون كيف يتلاعبون بمعاني آيات القرآن باسم الإمام المظلوم حضرة الصادق u ! إن واضع هذا الحديث الجاهل لم يفهم أنه لو اعتبرنا أن المقصودَ من كلمة «مِصْباحٌ» الْحَسَنُ، ومن كلمة «زُجاجَةٍ» الْحُسَيْنُ فسيصبح معنى قوله تعالى: ﴿الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾: الحسن في الحسين!!! وسيصبح معنى ﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾: الإمام الحسين كأنه حضرة الزهراء!!

إضافة إلى ذلك، لقد نسي الراوي أن يجعل المقصود من إحدى الكلمات في الآية عليَّ بن أبي طالب (ع)! ثم إن كلمة «ظلمات» جمعٌ في حين لو أنه كان المقصود منها أبا بكر وعمر، للزم أن تكون الكلمة: «ظلمتان». والسؤال الآخر هو: لماذا بايع عليٌّ u كلا الظلمتين إذن؟

وقد تلاعب راوي الحديث أيضاً بمعنى الآية الثامنة من سورة التحريم التي تقول: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم/8].

 فكما تلاحظون عطفت جملة (الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) في هذه الآية على (النَّبِيّ)، ولو قبلنا كذب رواة الكليني بشأن هذه الآية وصدَّقنا أن «النُّور» في هذه الآية هو «الإمام» وأنه هو الذي يرشد الناس إلى منازلهم في الجنة، لأصبح معنى الآية كما يلي: الإمام الذي هو نفسه تابع للنبي، سوف يرشد النبيَّ والمؤمنين إلى الجنة!  وسيصبح معنى نهاية الآية التي تقول ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم/8]: إن النبي والمؤمنين سيقولون ربنا أتمم لنا إمامنا!

بالمناسبة! ما معنى إتمام  الإمام وإكماله يوم القيامة؟ هل إمامهم ناقص حتى يحتاج إلى إتمام؟ هل الراوي كان يفهم حقاً ما يقوم بتلفيقه من كلمات؟!

وقبل أن نقوم بدراسة الحديث الأخير في الباب 71 ونقده، من المناسب أن نُعَرِّفَ بعدد من الرواة الذين رووا هذه الرواية المضحكة:

1- «صَالِحُ بْنُ سَهْلٍ الْهَمْدَانِيُّ»: من الغُلاة الكذّابين الوضّاعين للحديث. قال الغضائري عنه: لا خير في رواياته. وقد عرَّفنا به في الصفحة 456 من الكتاب الحاضر.

2- «عَبْدُ اللهِ بْنُ الْقَاسِمِ البطل الحارثي البصري»: من الكذَّابين والضعفاء والذي يهتمّ الكذَّابون الضعفاء في الرواية كثيراً بأخباره، فأغلب أحاديثه يرويها عنه أشخاص مثل «محمّد بن سنان» الكذّاب و«معلّى بن محمّد» و«محمّد بن الحسن الشَمُّون» وأفراد فاسدين من أمثالهم ممن لا اعتبار لهم!

جاء في كتاب "مجمع الرّجال": "عبد الله بن القاسم البطل الحارثي، كذَّاب، غال، ضعيف، متروك الحديث، معدولٌ عن ذكره. وأيضاً عن (الغضائري): عبد الله بن القاسم الحضرمي: كوفي ضعيف أيضاً غال متهافت لا ارتفاع به.".

وقال النجاشي والعلامة الحلي عنه: "عبد الله بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، كذاب غال يروي عن الغلاة، لا خير فيه ولا يُعتَدُّ بروايته".

واعتبره الشيخ الطوسي واقفياً، أي أنه كان من الذين يعتبرون الأئمَّة بعد الإمام الكاظم (ع) كاذبين!

من جملة مرويات «عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ» هذا: الحديث الأول في الباب 105 من الكافي والذي ينسب إلى الإمام الصادق u قوله: "أَيُّ إِمَامٍ لَا يَعْلَمُ مَا يُصِيبُهُ وَإِلَى مَا يَصِيرُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ لِـلَّهِ عَلَى خَلْقِهِ"!!

إذا استحضرنا ما ذكرناه في مقدمة هذا الكتاب، وما فصَّلناه بشكل خاصّ في فصل «علم الغيب والمعجزات والكرامات في القرآن» عرفنا أن بطلان هذا الكلام واضحٌ تماماً، لكن علاوة على ما ذكرناه سابقاً، وكما قال أخونا الفاضل جناب الأستاذ «قلمداران» في كتابه «راه نجات از شر غلاة» [طريق النجاة من شر الغلاة] (قسم العلم بالغيب):

"هذا الحديث مخالف للحديث السادس في الباب 123 من الكافي (الذي يتَّفق مضمونه مع ما جاء في نهج البلاغة، الخطبة 149، وفي كتاب «إثبات الوصية» للمسعودي، باختلاف يسير في اللفظ). في ذلك الحديث يقول عليُّ u: "كَمْ أَطْرَدْتُ الأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الأَمْرِ، فَأَبَى اللهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ، هَيْهَاتَ! عِلْمٌ مكنونٌ مَخْزُونٌ"([4]).

من الواضح أنه إذا كان عليٌّ u يقول عن نفسه إن وقت موته كان مخفيّاً عنه، فلا يمكن بالطبع للإمام الصادق u أن يقول كلاماً مخالفاً لكلام جدِّه.

ومن قصص «عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ» الأخرى الحديث 7 في الباب 170([5]) الذي يقول: "إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّاً u لَهُ خُئُولَةٌ فِي بَنِي مَخْزُومٍ، وَإِنَّ شَابّاً مِنْهُمْ أَتَاهُ فَقَالَ: يَا خَالِي إِنَّ أَخِي مَاتَ وَقَدْ حَزِنْتُ عَلَيْهِ حُزْناً شَدِيداً. قَالَ فَقَالَ لَهُ: تَشْتَهِي أَنْ تَرَاهُ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَأَرِنِي قَبْرَهُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ وَمَعَهُ بُرْدَةُ رَسُولِ اللهِ J مُتَّزِراً بِهَا، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ تَلَمْلَمَتْ شَفَتَاهُ ثُمَّ رَكَضَهُ بِرِجْلِهِ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ بِلِسَانِ الْفُرْسِ! فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ u: أَلَمْ تَمُتْ وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّا مِتْنَا عَلَى سُنَّةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَانْقَلَبَتْ أَلْسِنَتُنَا"!!

أولاً: ليت الذين لفَّقوا هذه القصة قالوا إنه تم إخراج الميت أولاً من قبره ثم قام عليٌّ u بإحيائه، وإلا فكيف استطاع ذلك الميت الراقد تحت كميات كبيرة من التراب أن يزيح كل تلك الأتربة عن نفسه ويخرج؟

ثانياً: هل المقصود من فلان وفلان أبو بكر وعمر؟ وهل لفَّق واضع هذا الحديث هذا الكلام لبثّ الفرقة بين المسلمين؟ إذا لم يكن كلا الأمرين مقصوداً فلماذا لم يذكر الإمام الصادق u اسم الشخصين كي يـتجَنَّبَ سائرُ المؤمنين اتِّباعهما ولا يضلوا.

ثالثاً: الأهم من ذلك أن هذه القصة لا تتفق مع القرآن الكريم لأن الله تعالى قال في كثير من آيات كتابه: ﴿هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [المؤمنون/80]، وقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ﴾ [ق/43]، وقال أيضاً: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى﴾ [يس/12]. ونقول في دعاء «الجوشن الكبير»، المقطع 90 : "يا من لا يحيي الموتى إلا هو"([6]).

رابعاً: هل كان عليٌّ u نبيَّاً حتى تظهر على يديه مثل هذه المعجزة؟  ولماذا لم يحيِ النبيُّ الأكرمُ J أيَّ ميِّتٍ؟

خامساً: لقد أظهر حضرة عيسى u مثل هذه المعجزة لإثبات نبوته. فلماذا لم  يُظهر أميرُ المؤمنين علي u  تلك المعجزة أمام جميع الناس ليثبت لهم إمامته الإلـهية كي يهتدي الناس إليها؟ ولا يقتصر نقلها على كذابين من أمثال «ابن القاسم» و«سلمة بن الخطاب»؟!

ويروي هذا الرجل - أي «عَبْدُ اللهِ بْنُ الْقَاسِمِ البطل الحارثي البصري»- القصص التي أصبحت تدور على ألسنة قراء المراثي في مراسم العزاء والتي لا تنفع إلا في خداع العوام. وقد ذُكِرَت نماذج لقصصه في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [أي زيارة المزارات وأدعية الزيارات]، الصفحة 75 - 76.

3 - أبو محمد عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمُّ: اعتبره علماء الرجال، ومنهم العلامة الحلي، ضعيفاً. قال عنه النجاشي: "عبد الله بن عبد الرحمن الأصم... ضعيفٌ غالٍ ليس بشيءٍ وله كتاب المزار!"([7]). وقال الغضائري عنه "عبد الله بن عبد الرحمن الأصم... ضعيفٌ مرتفعُ القول، وله كتاب في الزيارات يدل على خبث عظيم ومذهب متهافت، وكان من كذَّابة أهل البصرة"([8]).

وهو من الغلاة الذين كانوا يعتبرون الإمام جزءاً من الله وأعلى رتبةً من الأنبياء! ومن المثير للانتباه أن نعلم أن «ابن قولويه» روى عنه روايات كثيرة في كتابه  [المشحون  بالغلو] المسمَّى بـ «كامل الزيارات»! كما أن «محمد بن يحيى» من ناقلي أكاذيبه! لاحظوا نماذج لأكاذيبه في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارة المزارات وأدعية الزيارات] (الصفحة 70 فما بعد).

4- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ (أو شمعون): أحد الكذَّابين. قال عنه المرحوم  الغضائري والعلامة الحلي: "واقفيٌّ ثم غلا، ضعيفٌ متهافتٌ لا يُلتَفَت إليه وإلى مصنفاته".

"كان يدَّعي أن له مئة وأربع عشرة سنة، ليتوسَّل بذلك إلى الكذب المفترع ويتمكن من دسَّ ما شاء من الأكاذيب". (البهبودي، معرفة  الحديث، ص 72).

وقال عنه النجاشي في رجاله: "محمد بن الحسن بن شمون: أبو جعفر، بغدادي، واقف، ثم غلا، وكان ضعيفاً جداً، فاسد المذهب. وأضيف إليه أحاديث في الوقف، وقيل فيه."([9]).

من جملة أكاذيبه أنه نسب إلى الإمام الكاظم أنه قال: "من أخبرك أنه مرَّضني وغسَّلني وحنَّطني وكفَّنني وألحدني وقبرني ونفض يده من التراب، فكَذِّبْهُ. وقال: من سأل عنِّي فقل: حيٌّ والحمد لله. لعن الله من سأل عنِّي!!"([10]).

 

نعم، هؤلاء هم الرجال الذين جمع الكُلَيْنِيّ أحاديثهم في كتابه! ولا أدري بماذا سيجيب هؤلاء الكذابون يوم القيامة إذا اشتكى الإمام الصادق أو الإمام الكاظم - عليهما السلام - منهم وقالوا بأي حق جعلتم منا ومن آبائنا وسائل لتحقيق مآربكم؟!

ß حديث 6 - من رواته: «محمد بن الفُضَيْل» الكذَّاب([11])، و«الحسين بن عبد الله» المجهول. وإذا كان الأخير هو «الحسين بن عبد الله» ذاته الذي أخرجوه من قم فإن الكِشِّيّ والعلامة الحلي اعتبروه ضعيفاً. ويمكنكم أن تشاهدوا نماذج لرواياته في الصفحة 62 من كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارة المزارات وأدعية الزيارات].

رغم أنّ الله تبارك وتعالى سمّى القرآن «نوراً» مراراً، لكنّ «محمد بن الفُضَيْل» يقول إن الإمام الكاظم u قال إن المقصود من «النور» في الآية 8 من سورة الصفّ [أي قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾]: "ولاية أمير المؤمنين". هذا مع أنّ الله قال في المقطع الآخر من الآية ذاتها: ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾. وقال في الآية التي قبلها: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الصفّ/7]، ولم يقل [وهو يُدعى إلى الولاية]!

ولذلك نقول لماذا لا يكون معنى «النور» القرآن والإسلام، لِكَوْنِ هذا المعنى أكثر تناسباً مع ما جاء قبل الآية الثامنة من سورة الصفّ وما جاء بعدها؟ فالكلام في الآيتين 5 و6 من تلك السورة كان حول أهل الكتاب فلماذا لا يكون المقصود من «النور» نبوّة النبي الأكرم J التي انتصرت في نهاية المطاف وبتأييد من الله في جميع مناطق الجزيرة العربية وأطرافها، [أي فصدق فيها القول: واللهُ مُتِمُّ نُورِهِ] أما إمامة الأئمَّة الاثني عشر فلم تنل مثل ذلك الفتح؟



([1]) لقد تحدَّثنا عن كون القرآن نوراً بشكل مختصر في الصفحة 288 فارسي فالتراجع ثمة.

([2])   انظر رجال الطوسي، تصحيح وتعليق ميرداماد الأسترآبادي، ج 2، ص495. وفيه: "عن أبي أسامة، قال، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ما فعل أبو الجارود؟! أما والله لا يموت إلا تائها.". و"عن أبي بصير، قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام كثير النواء، وسالم بن أبي حفصة، وأبا الجارود، فقال: كذابون مُكَذَّبون كُفَّار عليهم لعنة الله، قال قلت: جُعلتُ فداكَ كَذَّابون قد عرفتهم فما معنى مُكَذَّبون؟ قال: كذَّابون يأتونا فيخبرونا أنهم يصدقُّونا وليسوا كذلك، ويسمعون حديثنا فيكذبون به." انتهى. (المُتَرْجِمُ)

([3]) هاشم معروف الحسني، الموضوعات في الآثار والأخبار، ص254.

([4]) قال عليٌّ (ع) هذا الكلام قبل استشهاده وبعد أن ضربه ابن ملجم على جبهته الشريفة. (المُتَرْجِمُ)

([5]) لم يصحح المَجْلِسِيّ ولا البِهْبُودِيّ  كلاهما هذا الحديث وصرَّح المَجْلِسِيّ بضعفه.

([6])   اعلم أن القرآن نفسه ذكر إحياء الموتى بدعاء حضرة عيس (ع) - وقد مرَّ معنا شرح ذلك في فصل «علم الغيب والمعجزات والكرامات في القرآن» - واعلم أن معجزات عيسى مثل ولادته دون أب وكلامه في المهد، معجزات خاصَّة به، وكما سبق أن قلنا: لا يمكننا أن ننسب معجزات بعض الأنبياء إلى أنبياء آخرين دون دليل.

([7])   رجال النجاشي، ص 161.

([8]) انظر العلامة القهپائي النجفي (ت بعد 1019 هـ)، مجمع الرجال، ج 4، ص 25. (المُتَرْجِمُ)

([9]) رجال النجاشي، ص 258. (المُتَرْجِمُ)

([10]) رجال النجاشي، ترجمة مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ. (المُتَرْجِمُ)

([11])  لمعرفة حاله راجعوا الصفحة 296- 298 من الكتاب الحالي.