205. بَابُ الْإِشَارَةِ وَالنَّصِّ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ

جاء في هذا الباب 13 حديثاً ليس منها حتى حديثٌ واحدٌ صحيحٌ!! واعتبر المَجْلِسِيّ الحديث 5 ضعيفاً واعتبر بقية أحاديث الباب مجهولةً، والحديث 8 مجهولاً كالمُوَثَّق. وصحَّح البِهْبُودِيّ الحديث الثامن وأروده في كتابه «صحيح الكافي» تحت رقم الحديث 113.

يَتَبَـيَّنُ من متون أحاديث هذا الباب أن المشكلةَ التي برزت زمنَ الإمام الصادق (ع) عادت لتبرز من جديد زمن الإمام الهادي (ع) مما اضطّرَّ مُصَنِّعو الأئِمَّة مرَّةً ثانيةً إلى حلِّ هذه المشكلة بواسطة البِداء! ذلك أن الابن الأكبر للإمام الهادي «أبا جعفر محمَّد» الذي اُعْتُقِدَ في البداية أنه هو الإمام بعد الإمام الهادي تُوُفِّيَ في حياة أبيه، لذا قالوا: بدا لِـلَّهِ والإمام هو «أبو محمَّد الحسن»!

يقول الشيخ عباس القمي: "وأما السيد محمد المُكَنَّى بأبي جعفر فكان معروفاً بجلالة القَدْر و نبالة الشأن، ويكفي في علوِّ مقامه أنه كان أهلاً لمنصب الإمامة وكان الابن الأكبر لحضرة الإمام علي النقي u وكان الشيعة يظنُّون أنه الإمام بعد أبيه لكنه فارق الدنيا قبل وفاة أبيه"([1]).

إن أحاديث هذا الباب متناقضةٌ لا ينسجم بعضها مع بعض. فبعضها يشير إلى وقوع البداء لأجل حضرة  العسكري (الأحاديث 4 و5 و8 و9 و10) وبعضها لا يشير إلى البداء ويدَّعي أن الإمام الهادي نص على إمامة حضرة العسكري منذ البداية (الحديثان 2 و7).  الإشكال الآخر أن الحديث السابع جعل «أبا محمَّد الحسن» أكبر سنَّاً من «أبي جعفر محمَّد»، وهذا يدلُّ على أن الكُلَيْنِيّ لم يكن مطَّلِعاً بشكل جيد على أحوال الأئِمَّة ! وإلا لعرف أن هذا الحديث غير صحيح.

وبالنسبة إلى الأحاديث 4 و5 و8 و10 راجعو كتاب «شاهراه اتِّحاد» [طريق الاتِّحاد] (ص 255 فما بعد).

ß الحديث 11 - إن هذا الحديث يُبْطِلُ أحاديث الباب التالي كُلَّها لأنه ينسب إلى حضرة الهادي قوله عن ابنه: "وَإِلَيْهِ يَنْتَهِي عُرَى الْإِمَامَةِ وَأَحْكَامُهَا". أي أن سلسلة الإمامة تنتهي([2]) بحضرة العسكري([3]).

ß الحديث 13 - بناء على هذا الحديث ادّعى «أبو هاشم دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الجعفريُّ» - الذي سنعرِّف به في الباب القادم([4]) - أن الإمام الهادي أخبر عن  الغيب، وقال عن الإمام بعد حضرة العسكري: "إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ"!!! وينبغي أن نسأل: هل هكذا تكون حجة الله على خلقه فلا يراه  أتباعه ولا يذكرون اسمَه؟! هل قال الله عن مثل هذا الشخص إنه إمام الأمة الإسلامية ومرشدها!  أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟

وقد كرَّر الكُلَيْنِيّ هذا الحديث الساطع (!) مرةً ثانيةً في الحديث الأول من الباب 135.

تذكير: أورد الشيخ المفيد أحاديث هذا الباب الضعيفة والمجهولة كلُّها في كتابه «الإرشاد»، ج 2، ص 314 فما بعد.



([1])   الشيخ عباس القمي، منتهى الآمال، ج 2، ص 387.

([2])   هذه الترجمة من المؤلف لجملة «إِلَيْهِ يَنْتَهِي..» غير دقيق، إذْ لا تفيد الجملة معنى توقف الإمامة عنده وانتهائها به، بل تفيد معنى وصول الإمامة إليه وصيرورتها إليه، نعم لو جاءت الجملة: "وَبِهِ تَنْتَهِي عُرَى الْإِمَامَةِ" لكان تفسير المؤلف للجملة صحيحاً. (المُتَرْجِمُ)

([3])   ولكن في بلدنا إذا أنكر شخصٌ إمام الزمان كفَّروه وربما حكموا عليه بالإعدام!

([4])   لقد عرَّف المؤلف بهذا الراوي وذكر عدداً من  أحاديثه التي تدل على عدم وثاقته في ص 154 فما بعد من الكتاب الحاليّ، فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ. (المُتَرْجِمُ)