246. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِشْرَافِ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ

جاء في هذا الباب حديث واحد فقط. راويه «أحمد البرقي» و «جعفر بن المثنى الخطيب». وقد اعتبر علماء الرجال - طبقاً لما ذكره الممقاني - هذا الفرد الأخير واقفياً وغير موثوق. كلا المَجْلِسِيّ والبِهْبُودِيّ لم يُصحِّحا هذا الحديث، واعتبره المجلسي مجهولاً وقال: يبدو أنه تم إسقاط اسم أو أسماء بعض الراوة من سنده، لأن «جَعْفَرَ بْنَ الْمُثَنَّى» كان من أصحاب الإمام الرضا (ع)، ولم يدرك زمن الإمام الصادق (ع).

يقول «جَعْفَرُ بْنُ الْمُثَنَّى»: "كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ وَسَقْفُ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الْقَبْرِ [أي قبر رسول الله J] قَدْ سَقَطَ وَالْفَعَلَةُ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ. فَقُلْتُ لِأَصْحَابِنَا: مَنْ مِنْكُمْ لَهُ مَوْعِدٌ يَدْخُلُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) اللَّيْلَةَ؟ فَقَالَ مِهْرَانُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ: أَنَا، وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيُّ: أَنَا. فَقُلْنَا لَهُمَا: سَلَاهُ لَنَا عَنِ الصُّعُودِ لِنُشْرِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ J. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ لَقِينَاهُمَا فَاجْتَمَعْنَا جَمِيعاً فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: قَدْ سَأَلْنَاهُ لَكُمْ عَمَّا ذَكَرْتُمْ، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَعْلُوَ فَوْقَهُ وَلَا آمَنُهُ أَنْ يَرَى شَيْئاً يَذْهَبُ مِنْهُ بَصَرُهُ أَوْ يَرَاهُ قَائِماً يُصَلِّي أَوْ يَرَاهُ مَعَ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ J!!".

ونسأل: هل هذه هي معارف التشيّع؟! هل هذا نموذج لِـ "الآثار الصحيحة عن الصادقين" التي وعد الكُلَيْنِيّ في مقدمة كتابه بتقديمها لنا؟! أن نقول إن رسول الله J بعد مرور أكثر من مئة عام على وفاته لا يزال داخل قبره ولم يرحل عن دار الفناء؟! وأن نعتبر الآيات التي قالت: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام/127]، أو التي تشير إلى انتقال النفوس بعد الموت إلى عالم البرزخ وعدم اطّلاعها على ما في الدنيا (البقرة/259، والمائدة/109 و 117)، كلها - نعوذ بالله - كذب - وأنّه من الممكن بعد أكثر من قرن من رحيل رسول الله J وزوجاته عن الدنيا أن يختلي J بزوجاته داخل القبر!

نعم! هذا هو مقدار فهم الرواة الذين اعتبر علماؤنا أحاديثَهم حجةً علينا وهذا هو مبلغهم من العلم!! لقد أصبحت أحاديث الأميين الجهلاء أو المنحرفين الذين لا دين لهم دليلنا في فهم الدين!! يقول شيوخنا إن القرآن «ظني الدلالة» وعلينا أن  نستعين على فهمه بالروايات والأحاديث، وأفضل كتب الحديث هو كتاب «الكافي» للكُلَيْنِيّ! والواقع أننا لو عملنا بتوصيتهم لازددنا انغماساً في الجهل والانحطاط يوماً بعد يوم!

أولاً: لو كان الإشراف على قبر النبي J سبباً للعمى فلماذا لم ينهَ النبي أمته عن هذا العمل، ولماذا لم تعمَ أبصار الذين وسّدوا جثمانه الطاهر في التراب وأشرفوا على قبره حينذاك؟!

جاء في «مُوَطَّأ مالك» أن النبي J قال في آخر أيام عمره المبارك: "قَاتَلَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، وقال: «لا تتخذوا قبري وثناً يُعْبَد». فلماذا لم يَقُل النبيُّ شيئاً حول موضوع الإشراف على قبره؟!

ثانياً: كيف يمكن للناس أن يروا النبي أو زوجاته من وراء الحجارة والأتربة؟!

ثالثاً: ما المقصود من الرؤية؟ إن كان المقصود رؤية روح النبي J، أفلا يعلمون أن الروح غير قابلة لرؤيتها؟

رابعاً: لم يُفَرِّق الراوي الجاهل بين الصلاة وبين اختلاء النبي ببعض أزواجه ولم يفهم أن رؤية النبي في حال الصلاة لا إشكال فيها بل يمكن عدها من معجزاته J وسبباً لتقوية الإيمان وتشجيعاً للناس على إقام الصلاة.

خامساً: لنفرض أنه كان للنبيّ الأكرم J بعد وفاته -طبقاً لقول الغلاة- أحوال عجيبة وغريبة، فكيف يمكن لزوجات النبي اللواتي كن نساء كسائر البشر دُفِنَّ في مناطق مختلفة أن يأتين بعد مئة سنة من رحيلهن إلى مرقد النبي كي يختلي الرسول الأكرم J بهن؟!

أيها القارئ المحترم إن نقل الكُلَيْنِيّ لأمثال هذه الروايات يبين مقدار عقله وفهمه! وهذا الكُلَيْنِيّ هو ذاته الذي نجد كل هذا الثناء والمديح له في الكتب المختلفة وفي المجالس الدينية!!