73. بَابٌ فِي إِبْطَالِ الرُّؤْيَةِ

في هذا الباب 12 حديثاً،  اعتبر المجلسيُّ الأحاديث 2- 4- 8 -9- و 10 منها صحيحةً واعتبر الحديث الأول مجهولاً، أما الأستاذ البهبودي فلم يرَ صحَّةَ أي حديث من أحاديث هذا الباب.

ß الحديث 1 - في هذا الحديث يُسأل الإمام هَلْ رَأَى رَسُولُ اللهِ o رَبَّهُ تبارك وتعالى أم لا؟ فيجيب إجابةً نجد في القرآن الكريم ما هو أصرح منها إذ قال تعالى بوضوح تام في سورة النجم: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾، ومن جملتها أنه رأى جبريل، ولم يرَ الله ذاته.

ß الحديث 2 - سنده، كما يقول المجلسيُّ، صحيحٌ ومتنه حسنٌ جداً، وهذا الحديث يردُّ أكثر أحاديث الكافي، لأن الإمام الرضا (ع) يقول فيه مجيباً عن سؤال أَبِي قُرَّةَ له: "أفَتُكَذِّبُ بِالرِّوَايَاتِ؟!" فيقول الإمام: "إِذَا كَانَتِ الرِّوَايَاتُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ كَذَّبْتُهَا".

إضافةً إلى أن الإمام أجاب عن الأسئلة، مستشهداً بآيات القرآن الكريمة، وأوضح بذلك معرفته التامة بآيات القرآن الكريم، فنأمل أن يتِّبِعَ علماءُ زمانِنَا نهجَ الإمام هذا.

لكن مما يجدر التنبيه إليه أن الإمام - في هذه الرواية - بعد أن تلا عليه أبو قُرَّة الآية 13 من سورة النجم، ذكر في الجواب أن هناك آية بعد هذه الآية تُبَيِّنُ ما رآه النبيُّ o ثم تلا الإمام الآية 11 من سورة النجم، وهي بالطبع قبل الآية 13 وليست بعدها.

ß الحديث 3 - سنده ساقطٌ من الاعتبار لوجود «مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ» في سنده، لأن هذا الاسمَ مشتركٌ بين عدة أشخاص أكثرهم ضعفاءٌ أو مجهولون. واعتبر المجلسيُّ هذا الحديث مجهولاً.

ß الحديث 4 - رغم أن المجلسيَّ اعتبرَ سندَ هذا الحديث صحيحاً لكنه في نظرنا غير صحيح لوجود «أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ القُمِّيِّ» راوي الخرافات في سنده. فمن الروايات التي رواها هذا الشخص: الحديثُ أو بالأحرى القصةُ رقم27 من الباب 181 من الكافي التي روى فيها ما يفيد أن الإمام الحسن العسكري كان مطلعاً على ما في ضمير الناس إذ جاء فيه: "فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَهُوَ يَكْتُبُ، أَسْتَوْهِبُهُ الْقَلَمَ الَّذِي كَتَبَ بِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكِتَابَةِ أَقْبَلَ يُحَدِّثُنِي وَهُوَ يَمْسَحُ الْقَلَمَ بِمِنْدِيلِ الدَّوَاةِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: هَاكَ يَا أَحْمَدُ فَنَاوَلَنِيهِ!"([1]).

هذا في حين أن الله تعالى يقول: ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود/5]. ويقول: ﴿إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [فاطر/38]. أما هذا الحديث فيقول إن الإمام أيضاً مطلع على ما في صدور العباد!

كما أنه نسب في الحديث أمراً يتعلق بطريقة نوم أصناف الناس، وهو كلام غير معقول ولا يتَّفق في نظرنا مع القرآن الكريم، لأن الله تعالى قال عن أصحاب الكهف - رضوان الله عليهم - الذين كانوا من أولياء الله: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ [الكهف/18]. أما هذا الحديث فيدَّعي أن الإمام قام بعمل حتى لا ينام الراوي بعد ذلك على شقّه الأيسر؟!

ß الحديث 5 و 6 - كلا الحديثين مجهولان حسب قول المجلسيّ، لكن متنهما لا إشكال فيه.

ß الحديث 7 - ضعيفٌ حسب قول المجلسيّ.

ß الحديث 8- رغم أن المجلسيّ صحَّحه إلا أن المجلسيّ وأمثاله لا يهتمون بملاحظة روايات الراوي ومراقبة مدى توافقها مع القرآن والعقل أو عدم توافقها. أما نحن فنرى - كما ذكرنا في المقدمة -  أن أفضل دليل على ضعف الراوي هو روايته أحاديثَ خرافية. هذا ومن جملة رواة هذا الحديث «محمد بن يحيى» الذي سبق أن عرفنا به([2]).

ß الحديث 9 - هذا الحديث في نظرنا من ناحية سنده معلول بنفس علة سند الحديث الذي قبله، أما متنه فلا إشكال فيه.

ß الحديثان 10 و 11 - نجد في سند الحديث 10 الذي صحَّحه المجلسيّ وفي سند الحديث 11 الذي اعتبره المجلسيّ مرسلاً اسم الراوي «أبو هاشم الجعفري» الذي يروي أخباراً خرافيةً([3]).

ß الحديث 12 - سنده مرسل وموقوف ولا يُسْنِدُ الحديثَ إلى أيِّ إمام من الأئمة.



([1])   الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، ج 1، ص 514. (المُتَرْجِمُ)

([2])   راجعوا الصفحة 91و 157- 158 من الكتاب الحاضر.

([3])   للتعرف على أحواله راجعوا ما كتبناه في الصفحة 119فما بعد من هذا الكتاب.