89. بَابُ النَّوَادِرِ

يشتمل هذا الباب على إحدى عشر حديثاً، لم يعتبر الأستاذ البهبودي أياً منها صحيحاً، كما أن المجلسيّ اعتبر الحديث الأول مرسلاً، والأحاديث 4، و7، و8 مجهولةً، والأحاديث 3، و5، و10 ضعيفةً، والحديث 11 مجهولاً ومرسلاً، والحديثين 6، و9 حسنةً، والحديث الثاني صحيحاً. لنبدأ الآن بدراسة وتمحيص متون هذه الأحاديث:

ß الحديث 1 - يسأل الإمام الصادق u الراوي عن الآية: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾  [القصص/88] "مَا يَقُولُ الناس فِيها؟ قُلْتُ: يَقُولُونَ يَهْلِكُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَجْهَ اللهِ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! لَقَدْ قَالُوا قَوْلًا عَظِيماً، إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ".

أقول: مع أن قول الناس الذي أنكره الإمام ليس فيه أي داعٍ للتعجب والإنكار لأنه ترجمة حرفية للآية الكريمة دون زيادةٍ أو نقصان، بعكس ما نسبه الحديث من تفسير للآية إلى الإمام (ع) حيث جاء بكلام مبهم لا يفهم معناه.

وينبغي أن نسأل الراوي الذي لفَّقَ هذا الكلام ونسبه إلى الإمام الصادق u: هل فهمت أنت نفسك ما الذي لفَّقتَه ونسجته من عبارات؟

وسنرى في توضيح الحديث التالي وتفسيره أن علياً (ع) فسَّر وجه الله بذات الله.

ß الحديث 2 - لا يمكننا التعويل عليه لوجود «البَرْقِيِّ» في سنده، لكن المجلسيّ اعتبره صحيحاً! متن الحديث أيضاً فسَّر وجهَ الله على معنى مخالف لقول أمير المؤمنين علي u. فقد سُئِلَ ذلك الإمام الجليل عن معنى «وجه الله» تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَدَعَا عَلِيٌّ u بِنَارٍ وَحَطَبٍ فَأَضْرَمَهُ فَلَمَّا اشْتَعَلَتْ قَالَ عَلِيٌّ u: أَيْنَ وَجْهُ هَذِهِ النَّارِ؟ قَالَ السائل (النَّصْرَانِيُّ): هِيَ وَجْهٌ مِنْ جَمِيعِ حُدُودِهَا. قَالَ عَلِيٌّ u: هَذِهِ النَّارُ مُدَبَّرَةٌ مَصْنُوعَةٌ لَا تَعْرِفُ وَجْهَهَا، وَخَالِقُهَا لَا يُشْبِهُهَا"([1]). أي أن وجه الله [ليس جزءاً منه كما هو وجه الإنسان بل] هو ذاته ونفسه.

يقول الكاتب: أحد معاني الوجه في اللغة الفارسية: الصورة، أي محيا الإنسان، ووجهه الذي فيه عيناه وأنفه وأذناه، وبه ينظر إلى الأعلى والأسفل واليمين والشمال و.....، ولما كانت حاسة البصر والسمع في وجه الإنسان لذا كان ينتبه إلى الأشياء بواسطة وجهه. أما الله تعالى السميع والبصير بالذات، فلا يحتاج إلى آلة السمع، ولا إلى آلة البصر، بل يُدرك كل شيء بذاته فوجهه ذاته. وللأسف فإن هذا  الحديث ذكر لوجه الله معنى لا يتناسب من قريب ولا من بعيد مع صدر آخر آية في سورة القصص وذيلها.

ß الحديث 3 - حديث مرفوع رواه «مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ» عَنْ فردٍ مجهولٍ يُدْعى «أَبُو سَلَّامٍ النَّخَّاسُ»، وبالطبع لا تُستغرَب رواية مثل هذا الحديث عن مثل ذلك الراوي (أي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ).



([1])   راجعوا سفينة البحار ، ج2، ص 635. وقد جاء هذا الحديث أيضاً في تفسير الصافي للفيض الكاشاني ذيل تفسيره الآية 115 من سورة البقرة، وذُكِر في كتب أخرى أيضاً. وانظر بحار الأنوار، ج 3، ص 328 - 329.