194. بَابُ الْإِشَارَةِ وَالنَّصِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (ع)

رغم أن المَجْلِسِيّ يسعى إلى توجيه أحاديث الكافي بأي شكل من الأشكال وإصلاح مضامينها لتصبح مقبولة، لكنه اضطر هنا إلى اعتبار الحديث 1 حسناً كالصحيح والحديث 4 حسناً والحديثين 2 و5 ضعيفين والحديث 3 مجهولاً والحديث 6 مُرْسَلاً والحديث 7 مرفوعاً، أما الأستاذ البِهْبُودِيّ فلم يُصحِّح أياً من أحاديث هذا الباب.

ß الحديثان 1 و5 - الحديث الأول منقول عن كتاب «سُلَيم بن قيس» وقد تعرّفنا على قيمة هذا الكتاب سابقاً (ص 217فما بعد)، وعرفنا أنّه يحتوي على كثيرٍ من الأكاذيب والأمور الباطلة والمخالفة للعقل والتاريخ. لكنّ المَجْلِسِيّ المُغْرَم بالخرافات يقول: بما أنّ الكُلَيْنِيّ والصدوق اعتمدا على كتاب «سُلَيْم» ونقلا عنه فلا بد أن يكون هذا الكتاب كتاباً قابلاً للاطمئنان!! وينبغي أن نقول للمَجْلِسِيّ : أين عقلك؟ وماذا نفعل إذاً بأكاذيب الكتاب الفاضحة؟! نعم، اعتبر المَجْلِسِيّ الحديث 1 -كما قلنا- حسناً في حين أنه ضعيفٌ قطعاً لأن في سنده «أبان بن أبي عيّاش» الذي اعتبره علماء الرجال من الضعفاء([1]).

والحديث 5 رواه «عمرو بن شمر» الذي قال عنه النجاشي إنه ضعيف جداً وأنّه أضاف أحاديث إلى كتاب «جابر الجعفي»! والمثير للاهتمام أن يعلم القارئ المحترم أن كلا الحديثين مرويين عن «حمّاد بن عيسى» الذي عدّوه من أصحاب الإجماع! (فتأمّل).

ß الحديث 2 - راويه «أبو الجارود» الذي عرفنا حاله سابقاً، (ص 101).

ß الحديثان 3 و4 - روى «عليُّ بْنُ الحَكَم» الأحمقُ و«سيفُ بْنُ عمِيْرَة»([2]) الكذَّابُ حديثاً لا يتَّفق مع الحديثين الأول والخامس في هذا الباب. لأن الحديثين المذكورين يقولان: إن أمير المؤمنين عليّاً u دفعَ بنفسه الْكِتَابَ وَالسِّلَاحَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ u، أما الحديثين 3 و4 فيقولان إن حضرة الأمير حِينَ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ اسْتَوْدَعَ أُمَّ سَلَمَةَ كُتُبَهُ وَالْوَصِيَّةَ فَلَمَّا رَجَعَ الْحَسَنُ دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ!! والحديث الرابع يوجد في النسخة الصفوانية فقط، ولا يوجد في نسخ الكافي الأخرى.

ß الحديث 6- يروي هذا الحديث وصية أمير المؤمنين علي u حين اشرف على الموت- ويوجد ما يشبهها في نهج البلاغة (الخطبة 149) -  والمُلاحَظ اننا لا نجد أي إشارة في هذه الوصية إلى موضوع النص على إمامة عليٍّ، كما لم  يُعَرِّف الإمامُ عليٌّ ابنَه الحسن u بوصفه الإمام المعصوم الثاني المنصوب مِنْ قِبَلِ الله، ولم يقل أي كلام بشأن الخليفة المُعَيِّن من الله بعده!  أضِف إلى ذلك أن مفاد هذه الوصيَّة يعارض كثيراً مما ذكره الكُلَيْنِيّ في أبواب الكافي المختلفة، إذ جاء في وصية أمير المؤمنين قوله: "كَمْ أَطْرَدْتُ الأيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الأمْرِ [أي عن كيفية شهادتي وزمانها ومكانها] فَأَبَى اللهُ إِلا إِخْفَاءَهُ. هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ [عند الله].". أما الكُلَيْنِيّ فيدَّعي في الأبواب 105 و106 و.... من الكافي- خلافاً لهذا القول - أن الأئِمَّة يعلمون وقت موتهم ويعلمون ما كان (أي كل ما جرى في الماضي) وما يكون (أي كل ما يحدث في المستقبل) وأنه لا يخفى عليهم شيء!!

وفي هذا الحديث يقول أمير المؤمنين علي u في وصيته: "أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ ... وَغَداً مُفَارِقُكُمْ" بل قال بصراحة:  "... إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي وَإِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي.." لكن أتباع الكُلَيْنِيّ يقولون إن الإمام لم يفارِقْنا ولم يفْنَ، بل هو حاضر ناظر في كل مكان، وَمُطَّلِعٌ على أحوال الناس.

ß الحديث 7 - مرفوع ساقط من الاعتبار.



([1])   راجعوا بشأنه ما جاء في كتاب «شاهراه اتحاد» [طريق الاتحاد]، ص135.

([2])   سبق أن عرَّفنا بكلا الراويين، راجعوا فهرس الرواة في آخر الكتاب.