197. بَابُ الْإِشَارَةِ وَالنَّصِّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (ع)

جاءت في هذا الباب أربعة أحاديث اعتبر المَجْلِسِيّ الحديثين 1 و2 منها مجهولين، والحديث 3 ضعيفاً، واعتبر السند الأول للحديث 4 ضعيفاً وسنده الثاني مُوَثَّقَاً، أما الأستاذ البِهْبُودِيّ فلم يعتبر أيّاً من أحاديث هذا الباب صحيحةً.

يقول المَجْلِسِيّ عن سند الحديث الأول: "رِوَايَةُ الخَلَفِ الثَّالِثِ لِعَليِّ بن الحسين (ع) عن أبي جعفر (ع) بعيدٌ"([1]).  أي من المستبعد أن يروي ابن حفيد الإمام السجاد (ع) عن الإمام الباقر (ع) مباشرةً.

جاء في الحديثين الأولين أنه: "لَمَّا حَضَرَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ u الْوَفَاةُ قَالَ لابنه محمد بن علي (الباقر): يَا مُحَمَّدُ هَذَا الصُّنْدُوقُ اذْهَبْ بِهِ إِلَى بَيْتِكَ".

فأقول: من الطبيعي أن يعهدَ كلُّ من أدركته الوفاة وحان رحيله عن الدنيا، لابنه الذي يراه أميناً، بكتبه وصندوقه والأشياء الخاصَّة به، ولكن هذا لا يُسْتَنْتَج منه الإمامة المنصوص عليها من الله التي يريد الكُلَيْنِيّ إثباتها.

وجاء في نهاية الحديث الأول: "وَكَانَ فِي الصُّنْدُوقِ سِلَاحُ رَسُولِ اللهِ‏ o وَكُتُبُهُ". فلنا أن نسأل: إن النبي J كان أمياً ولم يكن لديه كتب يقرؤها، فماذا كانت كُتُبُ رسول الله J هذه([2]) التي لم يعلم بها أحد في التاريخ، سوى بضعة من الرواة المجهولين  الضعفاء.  وراجعوا أيضاً في هذا الصدد ما ذكرناه في الباب 98.

يقول «الوشَّاء» الذي تعَرَّفنا على حاله فيما سبق (ص 145) في الحديثين الأخيرين في هذا الباب إن أحد أبناء الإمام الحسن - هو زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ - قال لأحد عُمَّال «عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ»: إِنَّ الْوَالِيَ على الأوقاف والصدقات كَانَ بَعْدَ عَلِيٍّ: الْحَسَنَ، وَبَعْدَ الْحَسَنِ: الْحُسَيْنَ، وَبَعْدَ الْحُسَيْنِ: عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَبَعْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ - عليهم السلام - .

وأقول: إن هذا الادِّعاء لا يُثْبِتُ الإمامة المنصوص عليها مِنْ قِبَلِ الله.



([1])   المَجْلِسِيّ، مرآة العقول،  ج 3، ص 322.

([2])   في الواقع كلامُ المؤلف غيرُ دقيقٍ، لأن الرسائل والعهود تُسمَّى باللغة العربية «كُتُباً» أيضاً، كما أنه ليس من الضروري أن يكون النبي J كتبها بنفسه أو أنه كان يقرؤها، بل يكفي أن يأمر كَتَبَتَهُ بكتابتها ويحتفظ بها مرجعاً لديه، ولذلك فلا محل للاعتراض بأن يكون  لدى رسول الله كُتُبٌ على هذا المعنى، طبعاً هذا بغض النظر عن صحة هذا الحديث وسقمه. (المُتَرْجِمُ)