50. بيان حال «عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ البطائنيِّ» وذكر نماذج لرواياته التي تكشف ضعفه وعدم وثاقته

69ينبغي أن نتعرّف الآن على أحد رواة الحديث المذكور أعلاه وهو «عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ سالم البطائنيُّ» ([1]). لقد وصفه علماء الرجال بأنه ضعيف وملعون وأنه رأس «الواقفة» لأنه هو الذي أسس مذهب الوقف([2]). ونقل الكشي في رجاله رواياتٍ في ذمِّه وأن حضرة الإمام الرضا (ع) قال بشأنه: «إِنَّمَا أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ يَا عَلِيُّ أَشْبَاهُ الحَمِير»!([3]) والواقفة لا يعتقدون بإمامة أي من الأئمة بعد الإمام الكاظم بل يعتبرونهم كذَّابين!

70وينبغي أن نعلم أن «البطائني»  كان وكيلاً مباشراً للإمام الكاظم (ع)، وكانت الأموال التي تؤدَّى للإمام تحت تصرّفه وتصرّف «زياد بن مروان القندي» و«عثمان بن عيسى». وطبقاً لما رواه الشيخ الطوسي في كتاب «الغيبة» اتفق أولئك الثلاثة بعد وفاة الإمام الكاظم (ع) على اختلاس أمواله ونكاحِ إمائه طَمَعَاً في مال الدنيا واتَّفقوا أن ينفقوا مقداراً من الأموال المذكورة لخداع الناس ولكي ينالوا تعاطف مؤيدي الإمام؛ لأنهم كانوا يريدون ألا يدفعوا أموال الإمام إلى ورثته بل يستفيدوا هم أنفسهم منها، لذا أنكروا وفاة الإمام الكاظم وقالوا لم يمت بل غاب وسيظهر في المستقبل!!([4])

حضرة الرضا (ع) كما قلنا كذَّب البطائنيَّ وأعوانه. وينبغي أن نعلم أن إحدى عشر حديثاً من أحاديث الباب الفاضح رقم 165 من أبواب «الكافي» هي من مرويات هذا الرجل. وسنذكر هنا بضعة نماذج من أحاديثه:

1-71 عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ كَـ«الوشَّاء» الذي ادَّعى أن الإمام الرضا (ع) قال: "إِنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَى رَسُولِ اللهِ J أَبْرَارَهَا وَفُجَّارَهَا"([5])، فكذلك روى عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ أن الإمام الصادق (ع) قال: "تُعْرَضُ عَلَى رَسُولِ اللهِ J أَعْمَالُ الْعِبَادِ كُلَّ صَبَاحٍ، أَبْرَارُهَا وَفُجَّارُهَا، فَاحْذَرُوهَا، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى ﴿اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة/105] وَسَكَت". [والمقصود من عبارة وسكت: أي ولم يقرأ الإمام كلمة: «وَالمُؤمِنُونَ» في تتمة الآية الكريمة، والتي يُقصَد منها الأئمة، نظراً للوضع الخاص لتلك الجلسة] ([6]).

72الآن لنر هل لهذا الكلام الذي نسبه الراوي إلى الإمام الصادق u حقيقة أم لا؟ لا أعتقد أن أي مسلم يسمح لنفسه بالتلاعب بمعاني آيات القرآن وحاشا الإمام الجليل أن يفعل ذلك. إن الآية المذكورة لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بعرض الأعمال على رسول الله J وعلى الأئمة. لو نظرتم إلى سياق الآية والآيات التي جاءت قبلها وبعدها للاحظتم بوضوح أن الآية تتعلق بالمنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم لما رأوا النبيَّ والمجاهدين عادوا منتصرين من الجهاد جاء المنافقون ليعتذروا عن عدم خروجهم مع المسلمين. وقد قال الله تعالى بشأنهم في الآيات التي سبقت تلك الآية: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ...﴾ [التوبة/93-94]، أي بدلاً من أن تأتوا بالأعذار الآن وتتحجَّجوا بحجج واهية لكي نعفو عنكم ونقبل منكم، الأفضل لكم أن تعملوا، فإذا شاركتم عملياً في الجهاد الآتي وفي سائر الخدمات الدينية والإسلامية وأصلحتم عملياً تخلُّفَكُم بلا وجه حق عن الخروج مع النبيِّ والمؤمنين للجهاد وعوَّضْتُم عنه، فبالطبع سيرى الله ونبيه والمؤمنون أعمالَكم، وسيتبيَّن لهم صدقكم، وإلا فإن مجرد الادّعاء والاعتذار اللفظي لا يثبت شيئاً. ثم قسَّمَ اللهُ تعالى في الآيات التالية الناسَ إلى عدَّة مجموعات:

المجموعة الأولى: الأعراب (أي العرب البدو الذين يسكنون البادية) الذين هم من أهل النفاق ويعتبرون الزكاة المفروضة عليهم إتاوة وغرامة.

المجموعة الثانية: الأعراب البدو الذين يؤمنون بالله وباليوم الآخر خلافاً للنمط الأول.

المجموعة الثالثة: السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ.

المجموعة الرابعة: جماعة من البدو المحيطين بالمدينة الذين وصفهم الله بقوله: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة/101]. ولو كانت أعمال العباد تُعْرَضُ على النبيِّ J لَعَلِمَ بنفاق هؤلاء.

المجموعة الخامسة: الذين اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ وخَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا.

ثم قال تعالى بعد ذلك في الآية 105: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة/105].

لاحظوا أن مرجع ضمير الجمع المخاطَب المُذَكَّر في كلمات: لَا تَعْتَذِرُوا، وَلَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ ، أَخْبَارِكُمْ، عَمَلَكُمْ، في الآيات هو المنافقون، أي أن الآية تقول إن الله ورسوله، وحتى المؤمنين، سيشاهدون أعمالكم أيّها المنافقون، لاسيما أن حرف الاستقبال في قوله: فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ يدل بشكل واضح تماماً على مراد الآية، ذلك أن الله تعالى عالم بأعمال العباد وناظر وشاهد لها على الدوام والعلم الإلهي لا يتقيّد بزمان فلا يصح بشأنه القول بأنه سيطلع في المستقبل على حقيقة ما، أو أن علم الله –نعوذ بالله- سوف يزداد. أضف إلى ذلك أن عطف «الْمُؤْمِنُونَ» على الله ورسوله يبين أن عمل المخاطبين سيكون مشهوداً حتى منْ قِبَلِ المؤمنين وأن مشاهدة الأعمال لا تختصُّ بالنبيِّ الأكرم J.

فإذا عرفت ذلك فإننا نسأل: هل يعتقد الكُلَيْنِيّ ورواته أن أعمال كل إنسان تعرض على المؤمنين أيضاً؟!

ألا يعلم الكُلَيْنِيّ أن الأمر الذي يصدق على جميع المؤمنين لا يكون فيه امتياز خاصٌّ للنبيّ والأئمة؟

ألا يَعتَبِرُ الكُلَيْنِيُّ أن الله الكريم «ستَّارٌ للعيوب»؟! والقرآن الكريم يقول: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ [الإسراء/17]، فما الحاجة إذَنْ إلى اطِّلاع النبيِّ والأئمَّة على أعمال الإمام!

إذا كان النبيُّ مُطَّلعاً على أعمال جميع الناس حسب قول الكُلَيْنِيّ ورواته فلماذا يقول تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة/109]، لو كان لِعَرْضِ أعمالِ العبادِ على النبيِّ حقيقةٌ لَعَلِمَ بحالهم وبما أجابوا به الأنبياء ولم يقل لا علم لي! كذلك يقول النبيُّ في القرآن: ﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ [الأنعام/50]، ويقول الله تعالى كذلك: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ 204 وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ [البقرة/ 204-205]، ولو كانت أعمال العباد تُعرض على النبيِّ لما تعجَّب قطعاً من قول أمثال هؤلاء الذين أشارت إليهم الآية ولما أعجبه قولهم.

ثم مرجع ضمير الجمع المذكَّر المخاطَب -كما قلنا- هو المنافقون الذين كانوا يأتون إلى رسول‌الله J وَيُقَدِّمون أعذارهم. وليس الخطاب موجَّهاً إلى المؤمنين المعاصرين للنبيِّ أو المؤمنين الذين سيأتون في المستقبل، ولم يقل الله أبداً للمؤمنين: اعملوا فإن عملكم بعد وفاتكم سيُعرَض على رسول الله وعلى الأئمة بعد وفاتهم في عالم البرزخ!!  لاحظوا كيف تلاعبوا بمعاني آيات الله؟!

علاوة على ذلك، قال عليٌّ (ع) في «نهج البلاغة» عن الله تعالى: «لا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ» (خطبة 178)، وقال «لا يَشْغَلُهُ سائِلٌ» (خطبة 182)، وقال أيضاً «لاَ يُلْهِيهِ صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ» (الخطبة 195).

إذن، القدرةُ على معرفة أمور كثيرة ومتعددة في زمن واحد، صفةٌ من صفات الله تعالى ، ولا شك أن غير الله، بما في ذلك الأنبياء والأئمة، لا يملكون مثل هذه الصفة سواءً في حياتهم أم بعد مماتهم، فكيف يمكن أن تُعرَض أعمال العباد (افرضوا مثلاً سكان إيران والعراق ولبنان و.....) في اليوم والليلة على النبيِّ والإمام وكيف سينتَبِهُ النبيُّ إلى كل فرد منهم وسيطّلع على أعمالهم الصالحة والسيئة فرداً فرداً؟!!

ثم إنه لما كان حساب العباد وجزاؤهم بيد الله وحده (الأنعام/52، والشعراء/113، والغاشية/25-26) فما فائدة أن يعلم النبيُّ والإمامُ كم من آلاف الأكاذيب قالها الناس اليوم في إيران مثلاً, أو كم من الخرافات باسم الدين عُرِضَت على الناس على منابر المدينة الفلانية، أو كم من حقوق الناس الشرعية انتُهِكَت أو كم من الرشاوى أُعطِيَت و.......؟! نعوذ بالله من هذه الخرافات.

2 – لم يأنف البطائنيُّ أيضاً من رواية خبر يدل على تحريف القرآن، ففي الرواية 8 من الباب 165 الفاضح من أبواب الكافي نسب «عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ» إلى الإمام الصادق u قوله إن الآية 71 من سورة الأحزاب نزلت كما يلي: (وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ رَسُولَهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ وَلَايَةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً هَكَذَا نَزَلَت)!!‏.

وينبغي أن نقول من الواضح أن الراوي لم يكن يعتقد بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر/9].

3 – في الرواية 35 من هذا الباب ذاته ينسب البطائني إلى الإمام الباقر (ع) قوله في تفسير آية ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ [الروم/30] قال: "هي الولاية"([7]). يعني ما يشبه كلام المسيحيين الذين يقولون إن الدين هو محبة حضرة عيسى (ع).

4 – 73ويروي هذا الشخص ذاته في الباب 168 من الكافي الحديث رقم 13 الذي يقول فيه: "سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللهِ (ع) وَأَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَمْ عُرِجَ بِرَسُولِ اللهِ J؟ فَقَالَ: مَرَّتَيْنِ فَأَوْقَفَهُ جَبْرَئِيلُ مَوْقِفاً فَقَالَ لَهُ: مَكَانَكَ يَا مُحَمَّدُ فَلَقَدْ وَقَفْتَ مَوْقِفاً مَا وَقَفَهُ مَلَكٌ قَطُّ وَلَا نَبِيٌّ، إِنَّ رَبَّكَ يُصَلِّي!!....."([8]).

هنا يجب أن نسأل البطائني إلى من يصلّي الله؟ هل الله تعالى يمارس العبادة أيضاً؟! هل عرف هؤلاء الرواة الله تعالى حتى اخترعوا له صفة العبادة؟ هل يدري هؤلاء الرواة معنى العبادة والهدف منها؟ والأعجب من ذلك أن  القرآن لم يقل إن الرسول الأكرم J رأى الله تعالى بل قال إنه رأى من آيات ربه الكبرى. إضافة إلى ذلك فإن جملة: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم/9] تتعلق بالمسافة بين جبريل ومحمد J لا بين النبيّ والله تعالى.

لكن الراوي لم يفهم الآية وجعل المسافة المذكورة في الآية بين النبيِّ وبين الله – عزَّ ذِكْرُهُ –، فأثبتَ لِـلَّهِ المكان والعياذ بالله!! وَزَعَمَ أن الله تعالى سأل نبيّه من هذه المسافة القريبة جداً (!!) فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَنْ لِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: اللهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ الله تعالى: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ!

لقد أراد هذا الراوي أن يثبت ولاية أمير المؤمنين فنسب إلى اللهِ تعالى ممارسة العبادة وأثبت له مكاناً وَحَيِّزاً – سبحانه وتعالى.

نعم، نذكّر هنا أن الحديث 27 من هذا الباب ذاته [أي الباب 168] الذي أوردنا متنه في الصفحة 157 من كتابنا الحاضر، [الذي يزعم أن النَّبِيَّ o رَضَعَ أَيَّاماً مِنْ ثَدْيِ أَبِي طَالِبٍ!!] هو من رواية البطائني هذا أيضاً.

5 – وروى البطائني ذاته حديثاً قال فيه:

74"خرج أبو الحسن موسى (أي حضرة الإمام الكاظم (ع)) في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها فصحبتُهُ أنا وكان راكباً بغلة وأنا على حمار لي فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسدٌ فأحجمتُ خوفاً وأقدم أبو الحسن موسى (ع) غير مكترث به فرأيت الأسدَ يتذلَّلُ لأبي الحسن (ع) وَيُهَمْهِمُ. فوقف له أبو الحسن (ع) كالمصغي إلى همهمته و وضع الأسد يده على كفل بغلته وقد همتني نفسي من ذلك وخفت خوفاً عظيماً ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق وحوَّل أبو الحسن وجهه إلى القبلة وجعل يدعو ويُحرِّكُ شفتيه بما لم أفهمه! ثم أومأ إلى الأسد بيده أن امض فهَمْهَمَ الأسد همهمةً طويلةً وأبو الحسن يقول: آمين آمين وانصرف الأسد حتى غاب من بين أعيننا، ومضى أبو الحسن (ع) لوجهه واتبعته فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت له: جُعلت فداك! ما شأن هذا الأسد؟ فلقد خفته واللهِ عليك وعجبت من شأنه معك؟! فقال لي أبو الحسن:‏ إنه خرج إلي يشكو عسر الولادة على لبوءته و سألني أن أسأل الله أن يفرج عنها ففعلت ذلك وألقي في روعي أنها تلد ذكراً له فخبرته بذلك. فقال لي: امضِ في حفظ اللهِ فلا سلط الله عليك ولا على ذريتك ولا على أحد من شيعتك شيئاً من السباع فقلت آمين!" ([9]).

أقول: لو سألنا من أين عرف الأسدُ الإمامَ؟ لعل الجواب أنه قرأ حديث لوح جابر([10])!

بما أننا عرّفنا هنا - إلى حد ما – بابن أبي حمزة البطائني فمن المناسب أن نعرّف أيضاً برفيقه «عثمان بن عيسى» لأنه كما قيل «المرء على دين خليله».



([1])   لقد تم التعريف به في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [أي زيارة المزارات وأدعية الزيارات] تأليف المرحوم الأستاذ حيدر علي قلمداران، الصفحة 59 فما بعد.

([2])   انظر رجال النجاشي ص 36 حيث وصفه بأنه كان من وجوه الواقفة وانظر الفهرست للطوسي ص 96 ورجال العلامة الحلي ص 97 حيث وصفه بأنه "ضعيفٌ جداً". (المُتَرْجِمُ)

([3])   رجال الكشي، طبع كربلاء، 345، أو طبع مشهد، ص 444 – 445.

([4]) يمكن للقارئ الذي يُعمِل فكره جيداً أن يُدرِك من دراسة هذه الواقعة التاريخية أحد أهم العلل  والعوامل التي تجعل بعض أتباع الأئمة ينكرون موتهم ويدّعون غيبتهم وظهورهم في المستقبل!

كما أن أمثال هذه الوقائع تثير في الذهن سؤالاً مفاده: لو كان ادّعاء الكُلينيّ وأمثاله بأن الأئمة يعلمون الغيب ويعرفون ما في ضمير العباد (كما ذكرنا في الصفحات السابقة نماذج للأحاديث التي تدل على هذا الادعاء) صادقاً، فلماذا قبل الإمام الكاظم (ع) أن يقترب منه ويصاحبه أمثال أولئك الأفراد الخائنين؟ ولماذا لم يقم بكشفه وفضحه كي لا يقع جماعة كثيرة من أصحابه في الحيرة والضلال؟! هل هناك مهمة أوجب على هداة البشر ومعلميهم وأهم من إتمام الحجة وهداية الناس؟ لذا كان من الضروري أن يعرّف الإمام الكاظم بأولئك الأفراد ولا يقبلهم في حاشيته وأصحابه كي لا يثق بهم الناس ثم يُخدعوا، أو على الأقل كان من الأفضل أن يعرّف الناس قبل وفاته بحقيقة أمثال أولئك الأشخاص وأن يسحب أمواله من أيديهم كي لا يستولوا عليها، وإلا فإن لم يستفِد الإمام من علم الغيب في طريق هداية الناس ومنع الحيرة والضلال فما فائدة علمه بالغيب إذاً.

ثم لماذا لم يحتجّ حضرة الرضا (ع) بحديث لوح جابر وما يشبهه من أحاديث على منكري إمامته! (فتأمل جداً).

([5])   راجعوا صفحة 150 من هذا الكتاب.

([6])   أصول الكافي، ج 1، ص 219. الحاشية رقم 5.

([7]) أصول الكافي، ج 1، ص 419.

([8])   أصول الكافي، ج 1، ص 442.

([9]) الشيخ المفيد، الإرشاد، بيروت، دار المفيد، ج 2، ص 229-230.

([10]) للاطلاع على نقد حديث لوح جابر راجعوا الصفحة 262 من كتاب «شاهراه اتحاد» [طريق الاتحاد] للأستاذ قلمداران.