49. بَابُ رِوَايَةِ الْكُتُبِ وَالْحَدِيثِ وَفَضْلِ الْكِتَابَةِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْكُتُبِ

يشتمل هذا الباب على خمسة عشر حديثاً، اعتبر المجلسيُّ الأحاديث الثاني والخامس والثالث عشر منها صحيحةً، واعتبر الحديث العاشر أيضاً من نمط الصحيح وقبله. أما الأستاذ البهبودي فقد اعتبر الحديث الثاني والعاشر والثالث عشر صحيحة.

ß الحديث 1 - يقول المجلسيّ إن هذا الحديث «موثَّق». وبالطبع فإن الحديث الذي يكون راويه «علي بن إبراهيم» لا يكون حاله جيداً في أغلب الأحوال. ومن جملة ذلك هذا الحديث الذي متنه معلول وفاسد.

يقول الله تعالى: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ 17 الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر/17 - 18]. كما تلاحظون تتكلم الآية بوضوح وصراحة كاملين عن قبول أحسن الأقوال واتباعها. أما رواة هذا الحديث فيتّهمون الإمام الصادق u بأنه - نعوذ بالله - يفسّر القرآن برأيه ويقول إن هذه الآية تتعلق بِمَنْ "يَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَيُحَدِّثُ بِهِ كَمَا سَمِعَهُ لَا يَزِيدُ فِيهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ!!".

أولاً: لقد نهى الأئمة أنفسهم عن التفسير بالرأي فحاشا الإمام الصادق أن يفعل ذلك.

ثانياً: ما علاقة الاتباع بالنقل والرواية؟ فمن الممكن أن ينقلَ شخصٌ ما سمعه بشكل صحيح ودقيق دون أن يقبل به ولا أن يتّبعه. قطعاً لا يمكن للإمام أن يقول مثل هذا الحديث.

ß الحديث 2 - اسم «محمد بن الحسين» مشترك بين عدة رواة وليس من المعلوم أيهم يقصد الكُلَيْنِيّ. وعلى كل حال كِلَا المجلسيُّ والبهبوديُّ اعتبرا الحديث صحيحاً.

ß الحديث 3 - ضعيف حسب قول المجلسي. ومن ناحية متنه مماثل للحديث السابق.

ß الحديث 4 - هذا الحديث من مرويات «عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ» الذي معظم أحاديثه معلولة المتن. أحد رواة الحديث الآخرين ذلك الخبيث المسمّى: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ البطائنيُّ» الضعيف جداً. وسوف نعرّف به قبل دراسة بقية أحاديث هذا الباب ونقدها. متن الحديث([1]) أيضاً يخالف قول علماء الشيعة لأنهم يقولون إن كل واحد من الأئمة يتّبع في أعماله كتاباً مخصوصاً به ويتحدّثون ويعملون استناداً إلى ذلك الكتاب وإلى ظروف زمانهم!! لهذا السبب يدّعون أنه لا بد من تفسير أقوال الأئمة طبقاً لزمانهم وللأوضاع التي كانت فيه، وبالنتيجة إذا نسبنا قول إمام إلى إمام آخر فإن هذا سيؤدي إلى خلل في الفهم الصحيح لقوله، وربما فُهِم كلامه وفُسِّر على نحو غير صحيح. هذا ما يقوله علماء الشيعة. أما في هذه الرواية فإن أبا بصير ينقل كلاماً يخالف ذلك عن الإمام الصادق u!!



([1]) ونص الحديث كما يلي: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (ع): الْحَدِيثُ أَسْمَعُهُ مِنْكَ أَرْوِيهِ عَنْ أَبِيكَ أَوْ أَسْمَعُهُ مِنْ أَبِيكَ أَرْوِيهِ عَنْكَ؟ قَالَ: "سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّكَ تَرْوِيهِ عَنْ أَبِي أَحَبُّ إِلَيَّ". وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) لِجَمِيلٍ: "مَا سَمِعْتَ مِنِّي فَارْوِهِ عَنْ أَبِي".