219. بَابُ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَهُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ

يشتمل هذا الباب على أربعة أحاديث، اعتبر المَجْلِسِيّ الأحاديث 1 و2 و4 منها ضعيفةً، و الحديث 3 صحيحاً، و لم يُصحِّح الأستاذ البِهْبُودِيّ سوى الحديث الثالث منها فقط.

تشابِهُ أحاديثُ هذا الباب أحاديثَ الباب 143. ويجب أن نقول بشأن هذه الأحاديث: لو كان المقصود من الإمام فيها الإمام الذي جعله الله هادياً وإماماً فإنها أحاديثٌ يتّفق عليها المسلمون قاطبةً. إن كتاب الله لم يصرِّح عن إمام هادٍ سوى القرآن والقرآن فقط، فهو هادي المسلمين ومرشدهم واعتبره الله تعالى: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل/89]، وجعله إماماً بعد «التوراة» وقال: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا﴾ [الأحقاف/12، وهود/17].

وكان حضرة علي (ع) وأولاده الأعزاء يعتبرون كتاب الله إمامهم -كما بينا ذلك سابقاً (ص 468) - فإن كان الذي يدَّعي اتِّباعَ عليٍّ وأولاده - عليهم السلام- صادقاً في دعواه، فعليه أن يعتبر مثلهم كتابَ اللهِ إماماً له.

أما إذا ترك الرواةُ الضالون الغلاةُ القرآنَ جانباً، وأرادوا أن يُعَرِّفُوا لنا إماماً إلهياً غيره، وأرادوا أن يعتبروا أن من مات دون قبول ذلك الإمام، الذي لا دليل ولا مستند عليه، مات ميتةً جاهليةً، فقد ابتعدوا عن الصواب والإنصاف كثيراً.

جمع الكُلَيْنِيُّ في هذا الباب أحاديث تقول إن كل من لم يكن له إمام من الله فهو كافر ومنافق. فلماذا روى الكُلَيْنِيّ عن حضرات الصادِقَيْن -عليهما السلام- قولهما: إن كثيراً من المسلمين الذين ليس لهم إمام من الله ولا يعرفونه ليسوا كافرين ولا منافقين (أصول الكافي، ج2، باب الضُلّال، ص401 إلى 403)([1]).

أضف إلى ذلك فإن الحديث الثاني من الباب 143 يقول إن موت الشخص بلا إمام موت كفر ونفاق أما الحديث الثاني من الباب 144 فيقول إن موته موت ضلال!



([1])   وراجعوا كذلك الصفحات 205-206 من الكتاب الحالي.