224. بَابُ حَالَاتِ الْأَئِمَّةِ (ع) فِي السِّنِّ

جمع الكُلَيْنِيّ في هذا الباب ثمانية أحاديث بعضها مكرر. اعتبر المَجْلِسِيّ الحديث 1 كالصحيح، والحديث 2 صحيحاً، والحديث 3 مُرْسَلاً، والأحاديث 4 و5 و7 ضعيفةً والحديث 6 مجهولاً والحديث 8 حسناً، ولم يُصحِّح الأستاذ البِهْبُودِيّ سوى الحديثين 2 و8 من هذا الباب فقط.

كما قلنا سابقاً كانت إحدى مشاكل الشيعة بعد حضرة الرضا (ع) أن حضرة الجواد وحضرة الهادي كانا طفلين غير بالغين عند وفاة أبويهما. لذا تم ترتيب أحاديث هذا الباب لتُقَدِّمَ للعوام تبريراً وتوجيهاً لمشكلة عدم بلوغ الإمام([1]).

ذُكِرَت في الحديثين الأول والثالث من هذا الباب أمور عن حضرة عيسى وحضرة يحيى وحضرة سليمان -صلوات الله عليهم- بهدف أن يُقاس حضرة الجواد عليهم! ولقد تكلمنا في الأبواب السابقة عن هذا الموضوع (صفحة 663)، فلا نكرر الكلام فيه هنا.

ß الحديث 1 - جاء في الحديث الأول أن "عَلِيَّاً u كان حُجَّةً مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ‏ o، وَكَانَتْ طَاعَةُ عَلِيٍّ u وَاجِبَةً عَلَى النَّاسِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ‌اللهِ‏o وَلَكِنَّهُ صَمَتَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ‏ o ...".

ونسأل: كيف يطيع الناس حجَّةً ساكتاً وصامتاً؟!

أضف إلى ذلك  -كما أشرنا إلى ذلك سابقاً- اعتبر هذا الحديث الأول أن رسالة حضرة عيسى (ع) بدأت في سن السابعة أما الحديث الثاني فاعتبر أنها بدأت قبل أن يكمل ثلاث سنوات من عمره! وإني لأتعجب كيف وضع الكُلَيْنِيّ هذين الحديثين المتناقضين إلى جانب بعضهما على أنهما من قول المعصوم، دون أن يبدي أي توضيح أو تعليق بشأن هذا التناقض بين متنيهما؟

ß الحديث 7 - جاء فيه: "إِنَّ اللهَ احْتَجَّ فِي الْإِمَامَةِ بِمِثْلِ مَا احْتَجَّ بِهِ فِي النُّبُوَّةِ فَقَالَ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا....."

ونسأل: أين نجد في كتاب الله أنه أتى بحجة حول الإمامة! من فضلكم عرفونا على الآية المذكورة، لأن ما يقوله القرآن يتعلق كلُّهُ بشأن النبوة ولا علاقة له بالإمامة. أضف إلى ذلك -كما قلنا سابقاً -إن كلامنا ليس بشأن إمكانية نبوة غير البالغ بل بشأن وقوع إمامة إمام منصوص عليه من الله لشخص غير بالغ وتحققها وهو ما لم نر حتى الآن أي دليل عليه سوى الادّعاء وبضعة أحاديث ضعيفة.

ß الحديث 8 - في الحديث الثامن يدَّعي «عليُّ بنُ حَسَّان»([2]) أن الإمام الجواد (ع) قال: "قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ‏ o قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فَوَاللهِ مَا تَبِعَهُ إِلَّا عَلِيٌّ u وَلَهُ تِسْعُ سِنِينَ وَأَنَا ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ!".

ونقول إن هذا القياس خطأ تماماً لأن حضرة علي (ع) لم يستلم منصب إمامة الأمة في سن التاسعة، في حين أنه لا يجادل أحد في إسلام حضرة الجواد وإيمانه في تلك  السنّ، بل النقاش حول إمامته فقط. وفي رأينا إن على الإمام أن يدرُس ويحصِّل العلم كالمأموم ولا يمكن أن نقيس الإمام الذي لا يوحى إليه على النبّي الذي يوحى إليه، كما لا يمكننا أن نعمِّم حالة حضرة يحيى (ع) الذي كان استثناءً [ومعجزةً] من الله، دون دليل شرعي يثبت ذلك. ولو أراد الله أن يعطي الحكمة وزعامة المسلمين لشخص آخر غير يحيى في سن الطفولة لبين لنا ذلك في القرآن.



([1])   إن الأحاديث التي اخترعت معجزات لهذين الشخصين الكريمين أيضاً إنما وضعت لهذا الهدف.

([2])   عرفنا به في الصحفة ص 497 فما بعد، من الكتاب الحالي.