27. بيان حال «المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الجُّعْفِيِّ» وذكر بعض رواياته التي تكشف عن ضعفه وعدم وثاقته

قال الغضائري عن «مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ»: "المُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ الجُّعْفِي أبُو عَبْد الله: ضعيفٌ متهافتٌ مرتفعُ القول خطّابيٌّ، وقد زيد عليه شيءٌ كثيرٌ، وحَمَلَ الغلاةُ في حديثه حملاً عظيماً ولا يجوز أن يُكْتَبَ حديثُهُ."([1]).

و وصفه النجاشي أيضاً([2]) والعلامة الحلي([3])بأنه: "ضعيفٌ فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يُعْبَأُ به. متهافتٌ، مرتفعُ القول (أي مغالٍ).".

وقولهم إنه كان خَطَّابِيَّاً: أي كان يعتقد أن الإمام الصادق u بَعَثَ شخصاً باسم «أبي الخطَّاب» بوصفه نبيّاً مبعوثاً مِنْ قِبَلِه!!  وإنه لمن المؤسف حقَّاً أن تَنْقُلَ كُتُبُ حديث الشيعة لنا روايات فردٍ كهذا! وفيما يلي نذكر لكم روايتين من رواياته:

1- يروي الكُلَيْنِيُّ في الباب 52 من أصول الكافي، الحديثَ الثالث، عن هذا الشخص المنحرف (مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ) والذي يتبيَّن من متنه أنه كان جبرِيَّاً وأنه -نعوذ بالله - يصف الله بالظلم! إذْ يقول: "قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَطُوبَى لِمَنْ أَجْرَيْتُ عَلَى يَدَيْهِ الْخَيْرَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَجْرَيْتُ عَلَى يَدَيْهِ الشَّرَّ، وَوَيْلٌ لِمَنْ يَقُولُ كَيْفَ ذَا وَكَيْفَ هَذَا؟ قَالَ يُونُسُ يَعْنِي مَنْ يُنْكِرُ هَذَا الْأَمْرَ بِتَفَقُّهٍ فِيه‏"([4]).

وقد اعتبر البهبوديُّ والمجلسيُّ كلاهما الحديثَ غيرَ صحيح. بالطبع اعتبر المجلسيُّ الحديثَ مجهولاً، مع أن وجود «مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ» الغالي في سنده يوجب ضعف الرواية من أساسها.

2- 65ويقول مُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: "وَجَّهَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ وَالِيهِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ أَنْ أَحْرِقْ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ [الإمام الصادق (ع)] دَارَهُ، فَأَلْقَى النَّارَ فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَأَخَذَتِ النَّارُ فِي الْبَابِ وَالدِّهْلِيزِ فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) يَتَخَطَّى النَّارَ وَيَمْشِي فِيهَا وَيَقُولُ أَنَا ابْنُ أَعْرَاقِ الثَّرَى أَنَا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ!!"([5]).

هذا مع أن حضرة إبراهيم الخليلu  لم يدخل النار عامداً وبرغبته، بل أُلْقِيَ فيها بالقوة.  أما هذا الحديث فيقول إن الإمام ذهب بمحض إرادته ليمشي فوق النار، وهذا العمل مخالف للعقل والقرآن ولا يمكن للإمام الذي هو أسوة للمؤمنين أن يقوم بمثل هذا العمل؛ لأن تجنُّب الخطر واجب على كل مسلم إماماً كان أم مأموماً.

ثانياً: لا يمكن أن ننسب معجزة نبيٍّ من الأنبياء - دون مستند ودليل - إلى نبيٍّ آخر! فضلاً عن أن ننسبها إلى غير نبيٍّ!

ثالثاً :ما فائدة هذا العمل؟ إذ لم يعلم به أحد سوى بضعة أفراد ضعفاء مثل عبدِ اللهِ بْنِ قاسم و مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ؟

رابعاً: إن العظماء لا يفتخرون بآبائهم وأجدادهم، والإمام لا يفعل مثل ذلك بالطبع.



([1])   مجمع الرجال، ج 6،  ص123 حتى 131. (المُتَرْجِمُ)

([2])   انظر رجال النجاشي، ص 326. (المُتَرْجِمُ)

([3])   انظر رجال العلامة الحلي، ص 258. (المُتَرْجِمُ)

([4])   الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، ج 1، ص 154.

([5])   الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، ج 1، ص 473. الحديث الثاني. واعتبر كلا البهبوديُّ والمجلسيُّ الحديثَ غيرَ صحيح.