258. بَابُ مَوْلِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (ع)

ذكر الكُلَيْنِيّ في مقدمة هذا الباب اسم والدة حضرة العسكري (ع) وتاريخ ولادته ووفاته. والشيخ المفيد أيضاً، كالكُلَيْنِيّ، لم يُشر إلى استشهاد الإمام الحسن العسكري وقال: إنه تُوُفِّيَ في ليلة الثامن من شهر ربيع الأول سنة 260.([1])

ذُكر في هذا الباب 27 حديثاً لم يُصَحِّح الأستاذ البِهْبُودِيّ أيَّ حديثٍ منها. أما المَجْلِسِيّ فاعتبر الحديث 27 صحيحاً والحديثين 25و 26 مرسلين والأحاديث من 2 إلى 8 ، و 23 و24 أيضاً مجهولةً، وحكم بضعف بقية أحاديث الباب كلها!

ß الحديث 1 - يدلُّ على أنه لم يكن لدى حضرة العسكري (ع) ولد، ويدلُّ على أن عدداً من الأفراد الثقاة وعدداً من الأطباء كانوا حاضرين عند فراش موته وأن الإمام لم يُقْتَل بل مات ميتةً طبيعيّةً.

ß الحديث 2 - مخالفٌ للقرآن ويدّعي أن حضرة العسكري أخبر سابقاً بزمن موت المُعتز وعبد الله بن محمد بن داود.

ß الحديثان 3 و5 - يروي «محمد بن إبراهيم» المعروف بـ «ابن الكردي»، والمُهمل، عن «محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر» الضعيف، قصةً تُفيد أن حضرة العسكري (ع) صنع معجزةً لشخص من الواقفة لكنه الرجل رغم ذلك بقي على مذهبه! ما أفقرها إلى الفائدة من معجزة!

القصة الخامسة يرويها «أبو أحمد بن راشد» المُهمل والمجهول، عن شخص ضعيف الرواية يُدعى «أبو هاشم الجعفري»!

والملفت للنظر أن الحديث السادس يذكر أن الإمام عرف حاجة السائلين قبل أن يطلبوها منه وأعطاهم المال الذي كانوا يريدونه، أما في الحديث الخامس فلم يكن الإمام مطلعاً على حاجة راوي الخبر إلى أن اشتكى إليه من فقره!

تذكير: أورد الشيخ المفيد هذين الحديثين في كتابه «الإرشاد»، ج 2، ص 326 و328! وليت شعري! هل يُمكننا أن نثبت شيئاً بمثل هذه الأحاديث الواهية؟!

ß الحديث 4 - يقول: إن الإمام استطاع أن يُروِّض بغلاً عجز عن ترويضه الآخرون!

تذكير: أورد الشيخ المفيد هذا الحديث في كتابه «الإرشاد»، ج 2، ص 327!

ß الحديث 6 - راويه فرد مجهول يُدعى «أبو عبد الله بن صالح».

تذكير: أورد الشيخ المفيد هذا الحديث المجهول في كتابه «الإرشاد»، ج 2، ص 329!

ß الحديثان 7 و8 - راويهما شخصان مجهولان يُدعى الأول «عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْيَمَانِيُّ» والثاني «مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَلَوِيُّ».

تذكير: أورد الشيخ المفيد هذين الحديثين في كتابه «الإرشاد»، ج 2، ص 329 و 330!

ß الأحاديث  من 9 إلى 22 - راوي هذه الأحاديث جميعها «إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّخَعِيِّ البصري» وهو رجل ضعيف وكذَّاب ووضاع للحديث باتفاق علماء الرجال!([2]). اعتبره ابن النجاشي فاسد المذهب وأنه "معدن التخليط، له كتب في التخليط". واعتبره الشيخ الطوسي مِمَّنْ يُرْمَى بالغلوّ. وقال العلامة الحليّ: "لا أقبل روايته"([3]). وروي الكِشِّيّ عن أستاذه العياشي خبراً يُفيد أنه كان يضع الحديث. وقد اعتبروه زعيم فرقةٍ من الغلاة تُدْعَى «الإسحاقية». وكان إسحاق هذا يروي إما عن مجاهيل من أمثال «أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَقْرَعِ» (الحديثان 11 و12) و«عُمَرَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ» (الحديث 18) و«يَحْيَى بْنِ الْقُشَيْرِيِّ» (الحديث 19) و «مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ الشَّائِيِّ» (الحديث 20). أو يروي عن كذَّابين من أمثال «مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ» (الحديثان 16 و17) و «أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ» (الحديثان 10 و21)!!

تدلُّ أحاديث «إسحاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ» هذا على علم الإمام بالغيب واطلاعه على ما في صدور الناس! في حين أن المطَّلِع على ضمائر الناس وذوات صدورهم هو الله وحده فقط، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [النمل/74] ويقول: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الفرقان/6] ويقول: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [المائدة/7] وآيات عديدة أخرى.

ولكن الكُلَيْنِيّ مع الأسف لم يكن يعير اهتماماً في نقله للأحاديث بموافقتها للقرآن أو عدم موافقتها له!

تذكير: أورد الشيخ المفيد الأحاديث 10 و11 و13 و14 و15 و16 من هذا الباب -وهي كلها من مرويات «إسحاق بن محمد» - في كتابه «الإرشاد»، ج 2، ص 330 فما بعد!!

ومن الجدير بالانتباه أن الحديث 15 يدّعي أن الإمام رغم علمه أن فرس أحد أتباعه يموت الليلة طلب منه أن يُبَدِّلَهُ بسرعة ولكن لحسن الحظ لم يفعل صاحب الفرس ذلك وإلا لتضرر من قَبِلَ بهذا التبادل وأُصيب بالغُبْن!

حاشا الإمام أن يُعَلِّم أتباعه ما فيه غش للآخرين ويوصيهم بمثل ذلك! بالله عليكم هل هذا حديث؟! أليس من الواضح أن واضع هذا الحديث أراد أن يوحي بشكل غير مباشر أن الإمام كان يُسيء الاستفادة من علمه؟!

ß الحديث 23 - مجهول ولا اعتبار له.

ß الحديث 24 - يروي فيه «محمد بن الحسن المكفوف» المُهمل عن أحد أصدقائه المجهولين عن قول رجل مسيحيّ - لم يُسلم ولم يقبل بإمامة حضرة العسكري - معجزةً للإمام العسكري!! وليس من المعلوم لماذا كان الإمام يصنع المعجزات لكل من هبَّ ودبّ؟!

ß الحديثان 25 و26 - مُرْسَلان ولا اعتبار بهما.

ß الحديث 27 - تكلمنا سابقاً على هذا الحديث (ص 355).



([1])   الشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 336.

([2])   قال عنه ابن الغضائري: "إسْحاقُ بنُ مُحَمَّد بن أَحْمَد...، يُكنّى أبا يَعْقُوب، الأحْمَر: فاسِدُ المَذْهَبِ، كَذّابٌ في الرِوايَةِ، وَضّاعٌ لِلحديثِ، لا يُلْتَفَتُ إلى ما رَواهُ، ولا يُرْتَفَعُ بِحَدِيثِهِ. وللعيّاشيّ مَعَهُ خَبَرٌ - في وضعه للحديث - مَشْهُورٌ.". (رجال ابن الغضائري، ج 1، ص 218). (المُتَرْجِمُ)

([3])   رجال العلامة الحلي، ص 201. (المُتَرْجِمُ)